الخميس، 23 يوليو 2015

الشيخ علي أحمد القرعانى الجرجاوي


الشيخ الجرجاوي

الشيخ الجرجاوي

ولد علي أحمد الجرجاوي في قرية القرعان إحدى قرى مركز جرجا – بمحافظة سوهاج حاليًا – في صعيد مصر في الثلث الأخير من القرن التاسع عشر، تعلم مبادئ القراءة والكتابة، وحفظ القرآن الكريم في الكُتَّاب، ثم تلقى أوليات العلوم الدينية على عدد من علماء مدينة جرجا التي كانت تتمتع – آنذاك- بشهرة واسعة في هذه العلوم؛ نظرًا لوجود معهد ديني عتيق بها، ثم رحل إلى القاهرة طلبًا لاستكمال الدراسة وتحصيل العلم بالأزهر الشريف .
التحق الشيخ على الجرجاوي بالأزهر الشريف , وتتلمذ على يد عدد من أبرز علمائه في ذلك الوقت، ثم التحق بمدرسة القضاء الشرعي عند افتتاحها منتظمًا في صفوف طلابها حتى نال إجازتها العلمية, ثم اشتغل بالمحاماة أمام المحاكم الشرعية بعيدا عن الأعمال الحكومية لما لاحظه من تسلط الإنجليز على مقدرات البلاد إثر فشل الثورة العرابية، ثم أسس صحيفة الإرشاد في بداية القرن العشرين ، إلى جانب عمله بالمحاماة، ثم عمل رئيسًا لجمعية الأزهر العلمية.
وفي عام 1906م وصلت الأنباء إلى معظم حواضر العالم الإسلامي بأن الشعب الياباني بعد انتصاره على روسيا في سبتمبر 1905؛ سيعقد مؤتمرًا كبيرا للمقارنة بين الأديان المختلفة من أجل اختيار أفضلها وأصلحها، حتى يصبح الدين الرسمي للامبراطورية، فاهتمت عدد من الصحف في أنحاء العالم الإسلامي بهذا الخبر، وكان ممن سمع به وجذب اهتمامه الشيخ علي أحمد الجرجاوي؛ فكتب في صحيفة الإرشاد يدعو شيخ الأزهر وعلماء الإسلام لتشكيل وفد للمشاركة في هذا المؤتمر الذي يمكنهم من خلاله إقناع الشعب الياباني وامبراطوره بالإسلام؛ وهذا من شأنه- إذا حدث- قيام حلف إسلامي قوي يجمع اليابان وربما الصين أيضا مع السلطنة العثمانية؛ فيعود للإسلام مجده القديم، وعندما لم يجد استجابة لدعوته أعلن عزمه على السفر بنفسه لأداء هذا المهمة، وبالفعل كتب ذلك في آخر عدد من صحيفته بتاريخ 5 جماد الآخر 1324هـ/ 26 يونيو 1906م، وبدأ في إعداد نفسه للسفر، فعاد إلى بلدته القرعان في مركز جرجا، وباع خمسة أفدنة من أرضه لينفق منها على رحلته، واستقل الباخرة من ميناء الإسكندرية قاصدًا اليابان، وغاب أكثر من شهرين، وقد عاد بعد هذه الزيارة بأخبار وحقائق
غلاف كتاب الرحلة اليابانية باللغة الأردية
غلاف كتاب الرحلة اليابانية باللغة الأردية
قام بنشرها في كتاب بعنوان “الرحلة اليابانية”، وصدرت طبعته الأولى سنة 1325هـ /1907م على نفقته الخاصة، ويعد من دون مبالغة من أطرف كتب الرحلات في القرن العشرين، كما أنه أول كتاب في العالم العربي يكتبه صاحبه عن اليابان التي تصاعد اهتمام العالم الإسلامي بها عقب انتصارها في حربها مع روسيا، ولكن من خلال زيارة واقعية لها .
يذكر الجرجاوي في الكتاب أن اليابانيين بعد انتصارهم على روسيا؛ رأوا أن معتقداتهم الأصلية لا تتفق مع عقلهم الباهر، فاقترح عليهم ميلاد
ميلاد تارو كاتسورا
ميلاد تارو كاتسورا
تارو كاتسورا رئيس الوزراء إرسال خطابات إلى كل من الدولة العثمانية، وفرنسا، وانجلترا، وإيطاليا وأمريكا؛ ليرسلوا إليهم العلماء والفلاسفة والمشرعين؛ ليجتمعوا في مؤتمر يتحدث فيه أهل كل دين عن قواعد دينهم وفلسفته، ثم يختار اليابانيون بعد ذلك ما يناسبهم من هذه الأديان، فأرسلت إليهم هذه الدول بمندوبين عنها؛ حيث أرسلت الدول العثمانية وفدًا إسلاميًا، في حين أرسلت بقية الدول وفودًا مسيحية من كل المذاهب المسيحية .
بدأت أولى جلسات المؤتمر في السادس من المحرم 1324هـ / الأول من مارس 1906م, وينقل الجرجاوي إعجاب اليابانيين بالإسلام، لكن المؤتمر دون الاستقرار على دين بعينه؛ إذ إن كل مجموعة من اليابانيين استحسنت دينًا دون الاتفاق على واحد منها، وأن غالبية من حضروا المؤتمر من اليابانيين وجدوا في أنفسهم ميلاً للإسلام الذي أحسن علماؤه بيان ما فيه من قواعد ومبادئ يتفق معها العقل والمنطق.
ويُعد الشيخ الجرجاوي أول داعية للإسلام في بلاد اليابان في العصر الحديث، فقد أسس مع ثلاثة من الدعاة؛ صيني هو سليمان الصيني، وروسي يسمى مخلص محمود، وهندي وإسمه حسين عبدالمنعم، جمعية في طوكيو للدَّعوة الإسلاميَّة، وأسلم على أيديهم اثنا عشر ألف يابانيا.
وعندما عاد الجرجاوي أصدر جريدة “الأزهر المعمور” في 8 ربيع الأول 1325هـ /20 إبريل سنة 1907 م وعمل في المحاماة أمام المحاكم الشرعية حتى وافته المنية سنة 1380هـ / 1961م.