الأسر البرلمانية في مصر المعاصرة
د.علي بركات*
تعالج هذه الدراسة ظاهرة استمرار عضوية المجالس النيابية في أسر بعينها بمعني انه عند اختفاء عضو المجلس النيابي لسبب أو لآخر فإن من يخلفه ينتمي لنفس الأسرة التي كان ينتمي إليها العضو السابق مما يعني استمرارية واضحة في مراكز النفوذ داخل الصفوة البرلمانية المصرية
وهي ظاهرة لاحظها عدد من الباحثين المهتمين بالدراسات البرلمانية من مصريين واجانب .
وفي مقدمة الباحثين المصريين الذين اهتموا بالموضوع عزة وهبي في دراستيها اللتين صدرتا عن مركز الدراسات السياسية بمؤسسة الأهرام الأولي عام 1985 تحت عنوان : تجربة الديمقراطية الليبرالية في مصر . دراسة تحليلية لآخر برلمان مصري قبل ثورة يوليو 1952 والثانية نشرت عام 1993 تحت عنوان : السلطة التشريعية في النظام السياسي المصري بعد يوليو 1952 دراسة تحليلية في تجربة مجلس الأمة 1937 ودراسة صلاح عيسي عن الثورة العرابية والتي تناولت في بعض موضوعاتها التجربة النيابية الأولي , والتي صدرت عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر في بيروت عام 1970.
وفيما يتعلق بالباحثين الأجانب الذين اهتموا بالموضوع تأتي دراسة الباحث الامريكي بايندر التي صدرت عن جامعة شيكاغو عام 1970 - In amoment of enthusiam , political power and the secand stratum in egypt
أما الدراسة الاحدث عن الموضوع فقد قامت بها الباحثة اليابانية ايمي سوزوكي عن الأسر البرلمانية في مصر في القرنين التاسع عشر والعشرين وهو الموضوع الذي حصلت به علي الدكتوراه من جامعة طوكيو عام 2002.
والحقيقة أن دراسة موضوع الأسر البرلمانية في مصر المعاصرة يتطلب الحديث عن نشأة طبقة أعيان الريف والتي ارتبطت بدورها بالتغييرات التي أحدثها محمد علي في القطاع الزراعي وانعكاس تلك التغييرات علي البناء الطبقي .
فالطبقة العليا من الملتزمين وهم كبار المستفيدين من الاراضي الزراعية قد صفيت سواء في شكل ما حدث في مذبحة القلعة وهم كبار المستفيدين أو من خلال إسقاط نظام الالتزام وما ترتب علي ذلك من تجريد الملتزمين من مصادر ثروتهم وفي هذا الاتجاه تقول هيلين ريفيلين الباحثة الأمريكية ' أن طبقة ملاك الأراضي القديمة قد دمرت أو جردت من ملكيتها وتمهد السبيل لظهور طبقة جديدة من ملاك الأراضي '.
ومن ناحية أخري فإن طلائع الطبقة الوسطي المصرية من التجار والحرفيين والصناع والعلماء وهي الطبقة التي برز دورها في فترة الكفاح ضد الفرنسيين والفترة التالية التي انتهت بتنصيب محمد علي واليا علي مصر , هذه الطبقة تراجعت خلال حكم ' محمد علي ' بسبب قطاع التجار قد ضعف من خلال نظام الاحتكار الذي اضعف فرص التجارة التي كانت متاحة من قبل .
كما أن قطاع الصناع والحرفيين قد ضعف بدوره من خلال نظام الصناعة الذي أقامه محمد علي والذي حظر بمقتضاه النشاط الخاص في بعض الصناعات .
أما العلماء فقد ضعف مركزهم الاقتصادي خلال سقوط نظام الالتزام والاستيلاء علي الأوقاف الخيرية , وكان بعضهم ملتزمين والبعض الآخر نظار أوقاف كما تلاشي دورهم السياسي بعد الصدام الذي خاضه محمد علي مع السيد عمر مكرم .
أما طبقة الفلاحين فقد انتقلت من الاستغلال غير المنظم في ظل النظام القديم إلي الاستغلال المنظم في ظل نظام محمد علي .
وهكذا بدأت تتشكل ملامح خريطة جديدة للقوي الاجتماعية من خلال التغييرات التي أحدثها محمد علي ما لبثت أن استكملت ملامحها خلال التطورات اللاحقة .
فالطبقة العليا التي تكونت إلي جانب أسرة محمد علي من الأتراك والشراكسة وبقايا المماليك والأرمن واحتلت مناصب الجيش والإدارة تحولت إلي كبار ملاك وظلت تتمتع بهذا الوضع حتي نهاية حكم إسماعيل حين حاولت إزاحتها عن موقع الصدارة شريحة اجتماعية جديدة من أعيان الريف تكونت في ظروف التغييرات التي أحدثها محمد علي والتطورات اللاحقة لعصر محمد علي ولعل أهم العوامل التي ساعدت علي تكوين الطبقة والصلاحيات التي تمتع بها مشايخ القري في مجتمع القرية واستمرار ذلك المنصب في بعض الأسر لعدة أجيال .
وحول هذه الصفوة الجديدة سوف يتمحور تاريخ مصر السياسي والاجتماعي في القرنين التاسع عشر والعشرين , ويكفي أن نعلم أن تلك الصفوة قدمت لمصر أبرز قادتها ومفكريها من أمثال احمد عرابي وسعد زغلول وبعض قادة ثورة يوليو في مجال السياسة كما قدمت احمد لطفي السيد ومحمد حسين هيكل ومحمد عبده في مجال الفكر .
أعيان الريف والتجربة النيابية الأولي
ترجع مشاركة الأعيان في السلطة الي مجلس المشورة الذي أنشأه محمد علي عام .1892 لمساعدته في الشئون الداخلية وكان اقرب إلي جمعية عمومية مؤلفة من 156 عضوا جميعهم معينون ويمثلون جميع الطبقات وكان من بينهم 99 عضوا من كبار الأعيان من مشايخ القري من أمثال الشيح حسن أباظة والشيخ بغدادي أباظة عن ناحية شيبة بالشرقية , والشيخ احمد المنشاوي عن طنطا , والشيخ محمد الشواربي عن قليوب , والشيخ علي الشريعي عن الفشن ورأس المجلس إبراهيم باشا , وكان المجلس ينعقد مرة واحدة في السنة وكانت مشورته قاصرة علي مسائل الإدارة والتعليم والأشغال العامة وكلها تتعلق بالشئون الداخلية , وكان عليه أيضا بحث الشكاوي المقدمة له , ووضع الاقتراحات والحلول بشأنها .
وفي إطار مشروع النهضة الذي تبناه الخديوي إسماعيل تم إنشاء مجلس شوري النواب عام 1866 للاستعانة بالأعيان في حل بعض المشكلات التي تتصل بالزراعة وبعض المشكلات الأخري وإن كان مجلس شوري النواب في أواخر عهد إسماعيل قد تطرق للمشكلات السياسية والاقتصادية التي أصبحت تعاني منها البلاد .
ويلاحظ أن مجلس شوري النواب خلال تلك الفترة كان أقرب إلي مجلس للأعيان وهي حقيقة تؤكدها اللائحة النظامية التي صدرت في ذلك الشأن والتي قصرت حق الانتخاب والترشيح للمجلس علي عمد ومشايخ القري . كما يؤكدها التركيب الاجتماعي للعضوية في المجالس الثلاثة التي شهدها عهد إسماعيل والتي توضح مدي النفوذ الذي وصلت إليه طبقة أعيان الريف من عمد ومشايخ القري .
ففي مجلس الأول الذي انتخب سنة 1866 بلغ عدد العمد 58 عضوا من بين عدد الأعضاء البالغ 57 عضوا وكانت هناك مديريات جميع أعضائها من العمد هي المنوفية والبحيرة والجيزة وبني سويف والفيوم والمنيا وبني مزار وضم هذا المجلس أعضاء من كبار البيوتات من الأعيان من أمثال اتربي أبو العز عن أخطاب دقهلية , ونصر الشواربي عن قليوب وعامر الزمر عن ناهيا بالجيزة وإبراهيم الشريعي عن سمالوط وميخائيل اثناسيوس عن اشروبة بالمنيا وحسن شعرواي عن المطاهرة بالمنيا وسليمان عبد العال عن الساحل بأسيوط وحميد أبو ستيت عن أولاد علبو بجرجا واحمد الوكيل عن سمخراط بالبحيرة واحمد افندي أباظة عن منيا القمح .
ويلاحظ أن بعض هؤلاء الأعضاء ينحدرون من أسر كانت ممثلة في مجلس المشورة مثل عائلات أباظة والشواربي وهلال والشريعي . وفي الهيئة النيابية الثانية التي انتخبت سنة 1870 كان عدد نواب المجلس 75 عضوا من بينهم 63 عضوا من العمد والمشايخ وكانت هناك تسع مديريات جميع أعضائها من العمد هي البحيرة والشرقية والدقهلية والقليوبية والمنوفية والمنيا وبني مزار وبني سويف والفيوم والجيزة وقنا وشهد المجلس نوابا جددا من أمثال السيد عيسوي الشريف عن ابيار بالغربية ومحمد الاتربي عمدة أخطاب دقهلية والسيد الفقي عمدة كمشيش بالمنوفية واحمد عبد الغفار عمدة تلا بالمنوفية أيضا ومحفوظ رشوان عمدة الحواتكة بأسيوط وحسن عبد الرازق عمدة أبو جرج بالمنيا واحمد علي محمود عمدة الرحمانية بالبحيرة . كما ضم المجلس 7 من التجار .
وبلغ عدد نواب الهيئة النيابية الثالثة التي انتخبت سنة 1876 بلغ 74 عضوا من بينهم 60 عضوا من عمد ومشايخ القري بينما كانت هناك مديريات كل أعضائها من العمد مثل المنوفية والبحيرة والدقهلية والشرقية والجيزة والفيوم وأسيوط وقنا فضلا عن سبعة من التجار .
وكان التركيب الاجتماعي للعضوية في المجلس النيابي الرابع ( ديسمبر 1881- يونيو 1882) لا يختلف عن المجالس الثلاثة التي سبقته وإن كان ممثلوه قد جاءوا من أكثر اسر الأعيان غني وكان من بين أعضائه 20 من الأعضاء الذين سبق انتخابهم في مجالس سابقة من أمثال محمد بك الشواربي , وهلال بك , وإبراهيم بك الوكيل , وعلي بك شعير , والسيد افندي الفقي , واحمد افندي عبد الغفار واحمد بك أباظة ومحفوظ افندي رشوان .
لقد كانت الأغلبية العظمي من أعضاء الهيئات الأربع من العمد وكبار الملاك من الزراعيين بينما ظل عدد التجار ثابتا فقد كان ممثلو القاهرة ثلاثة من التجار والإسكندرية اثنين ودمياط تاجرا واحدا وبرزت من بينهم أسماء مثل محمود العطار وعبد السلام المويلحي والسيد العقدة , وسيد اللوزي .
لقد استمرت تجربة الحياة النيابية الأولي 16 عاما 1866-1882 شغل فيها بعض الأعضاء أكثر من هيئة من هؤلاء محمود العطار , وعبد السلام المويلحي وعبد الرازق الشوربجي وهم نواب القاهرة والإسكندرية من التجار ويلاحظ أن عشرين عضوا من مجلس شوري النواب 1882 كانوا أعضاء في مجالس سابقة ومراجعة اسماء أعضاء الهيئات النيابية الأربع خلال الفترة المشار إليها توضح أن هناك حوالي 50 عائلة كانت تحتكر التمثيل النيابي منها عائلات الشريف , وعيسوي واثري أبو العز , والصيرفي , والوكيل , وأباظة والشواربي , وأبو ستيت , والزمر والشريعي , وسليمان عبد العال , ورشوان محفوظ وحمادي , وعبد الشهيد وعبد الرازق , وحسن شعراوي والزمر , واثناسيوس . وسلطان , ومحمد المويلحي . وبعض هذه العائلات كان لها ممثلون في الهيئات الأربع .
الهيئات شبه النيابية
في التقرير الذي وضعه الانجليزي دوقرين عام 1883 لتنظيم الإدارة المصرية حدد ملامح النظام شبه النيابي الذي ارادة الإنجليز في مصر والذي يشبه إلي حد كبير النظام الذي أقيم في الهند . وعندما صدر القانون الاساسي الخاص بتنظيم الإدارة في مصر تضمن نفس تلك الاقتراحات التي هدفت إلي إشراك الأعيان بصورة شكلية والحد من استمرار سيطرة الأتراك والشراكسة علي الإدارة ويعتمد النظام شبه النيابي الذي إقامه الاحتلال ثلاثة أنواع من المجالس هي مجلس المديريات ثم مجلس شوري القوانين , والجمعية العمومية .
وتتداخل المجالس الثلاثة من حيث تركيب العضوية . وكان حجر الزاوية في ذلك النظام هو مجالس المديريات التي اعتبرها القانون الخطوة الأولي في إقامة النظام النيابي . وقد نص القانون علي أن يكون عدد أعضاء مجلس المديرية ما بين 3 ـ 8 أعضاء . ثم زيد ذلك العدد في 1908 ليصبح ما بين 6 ـ 20 وانقص شرط الضرائب إلي 25 جنيها إذا كان العضو حاصلا علي شهادة عليا وهو ملبغ يدفع عن حوالي 60 فدانا ومن ثم شغل الأعيان تلك المجالس في الأقاليم .
أما مجلس شوري القوانين فكان يتألف من 30 عضوا منهم 14 يعينهم الخديوي ووزراؤه منهم رئيس المجلس وأحد الوكيلين , أما الأعضاء الآخرون فتنتخبهم مجالس المديريات لمدة ست سنوات . وكانت الجمعية العمومية تتكون من الوزراء وأعضاء مجلس شوري القوانين و 46 عضوا يتم انتخابهم من كل أنحاء القطر .
والحقيقة أن تلك المؤسسات التي أقامها الاحتلال كانت شكلية كما سيطر عليها الأعيان من كبار الملاك . وإذا استعرضنا التركيب الاجتماعي للعضوية في مجلس شوري القوانين الذي تم تشكيله في ديسمبر 1889 نجده يعكس الحقيقة السابقة فمن بين أعضائه نجد احمد أباظة عن الشرقية واحمد عبد الغفار عن المنوفية , واحمد افندي الهرميل عن الغربية , واحمد الصوفاني عن البحيرة , وطلبه سعودي عن الفيوم , ومصطفي خليفة عن أسيوط .
أما الجمعية العمومية التي تشكلت 1903 فنجد من بين أعضائها طلبة سعودي وحسن عبد الرازق , ومفتاح معبد وأمين الشمس ومحمد الوكيل واحمد خشبة وعلي الرغم من أن بعضهم ينحدر من عائلات تجارية إلا أنهم كانوا أيضا من كبار الملاك الزراعيين من أمثال أمين الشمشي واحمد خشبة .
وكان مجلس شوري القوانين يتكون من بقايا الأسر التركية والشركسية ومن الأعيان الذين كانوا اقل عداء للاحتلال .
وفي عام 1913 استحدثت سلطات الاحتلال مجلسا جديدا هو الجمعية التشريعية وتقوم فكرتها علي دمج المجلسين في مجلس واحد وإن كان الانتخاب فيها يتم علي درجتين وكان مجموع أعضائها 38 تعين الحكومة 17 منهم وبدورها لم تكن قرارات الجمعية التشريعية ملزمة .
وقد أسفرت الانتخابات عن فوز 49 عضوا من كبار الملاك وثمانية محامين ومهندس واحد , ومن بين الأعضاء نجد 21 عضوا كانوا أعضاء بمجلس شوري القوانين والجمعية العمومية من أمثال احمد مظلوم وعدلي يكن ومحمد الشريعي وخليل فهمي وسينوت حنا ومحمد رشوان والزمر وعلي شعراوي , وحسين الشريعي وعبد الرحمن محمود وعمر عبد الآخر وحافظ المنشاوي وبعض هؤلاء الأعضاء كان يجمع بين عضوية أكثر من مجلس علي مستويات مختلفة .
فمثلا كان حميد أبو شتيت عضوا لمجلس مديرية جرجا . وعضو لجنة الشياخات وفي مطلع القرن العشرين عبر هؤلاء عن مصالحهم في شكل حزب سياسي هو حزب الأمة الذي ضم حسن عبد الرازق . واحمد الباسل , وسليمان أباظة , ومحمود سليمان وعلي شعراوي , والأخوان بشري وسينوت حنا , وعمر سلطان وفخري عبد النور , ومحمد الاتربي , ومحمد حفني الطرزي . ومحمود عبدالرازق . وهكذا كان التركيب الاجتماعي متمشيا مع التركيب الاجتماعي للهيئات شبه النيابية التي سبقتها .
الأسر النيابية في ظل دستور 1923
كانت الثورة العرابية في بعض جوانيها صراعا علي السلطة بين الأعيان المصريين والذوات من الأتراك والشراكسة وقد دخل الاحتلال إلي مصر علي بساط من خيانة بعض الأعيان الذين تخلوا عن الثورة وانحازوا للخديوي وقوات الغزو عندما دخل الصدام بين الثورة والانجليز مرحلته الحاسمة . وإذا كانت قد تمت تصفية لعناصر الثورة عقب الاحتلال فإن السلطات البريطانية كانت مصممة علي عدم عودة الطبقة القديمة من الأتراك والشراكسة إلي سابق امتيازاتها وفي نفس الوقت حاول البريطانيون تبني صفوة جديدة من الأعيان الذين تعاونوا معهم .
وكان حرمان الطبقة القديمة من بعض امتيازاتها سببا في تقاربها مع الصفوة الجديدة من الأعيان وبالتقاء هاتين الشريحتين أصبحت امام الصفوة من كبار الملاك وإن اختلفت اصولها العرقية والاجتماعية .
ولم يكن اولئك الملاك أصحاب مصالح يدافعون عنها من خلال وجودهم في الهيئات النيابية فحسب بل أن ملكيتهم لمساحات كبيرة من الاراضي الزراعية قد كفلت لهم ايضا مكانة اجتماعية وساعدتهم علي التواجد في السلطة التنفيذية وفي التنظيمات الحزبية وفي مجالس المديريات وفيما يتعلق بالهيئات النيابية فقد سيطرت اسر بعينها علي تلك الهيئات خلال الفترة التي تنتهي بقيام ثورة يوليو 1952, وفي الفترة التي تلتها أيضا .
وفي محاولة لقراءة نتائج الانتخابات خلال الفترة الممتدة من 15 مارس 1924 وحتي 2 فبراير 1983 والتي شهدت ست هيئات برلمانية جاءت النتائج علي علي النحو التالي :
سيطرة أسر بعينها علي تلك الهيئات وبعض تلك العائلات كان لها استمرارية منذ التجربة النيابية الأولي مثل عائلات أباظة والشواربي وعبد الغفار والوكيل وإتربي أبو العز والزمر والشريعي وعبد الرازق وشعراوي ومحفوظ وسليمان عبد العال وحمادي والشمس .
إن بعض الأسر تواجد أعضاؤها في أكثر من هيئة برلمانية متتالية وفي بعض الاحيان في أكثر من دائرة في الهيئة الواحدة مثل :
عائلة أباظة التي كانت ممثلة في مجلس المشورة 1829 بأثنين من أعضائها وقد شغل افراد هذه الاسرة أكثر من موقع في الهيئات النيابية الست فإبراهيم أباظة كان عضوا عن دائرة بردين في الهيئات الثانية والثالثة والخامسة , كما شغل محمد عثمان عن دائرة أباظة مقعد دائرة التلين في الهيئة الثانية أيضا شغل محمد عزيز أباظة مقعد نائب نفس الدائرة في الهيئتين الرابعة والخامسة , بينما شغل سليمان إسماعيل أباظة مقعد دائرة ابو حماد في الهيئة الخامسة كما شغل محمد فكري أباظة مقعد الدائرة السابقة في الهيئة السادسة و تواجدافرادها في أكثر من هيئة فقد شغل حامد الشواربي عضوية دائرة قليوب في الهيئات الأولي والثانية والثالثة والرابعة كما شغل عمر الشواربي مقعد دائرة قليوب في الهيئة السادسة .
وعائلة عبد الغفار التي برزت كعائلة برلمانية منذ التجربة النيابية الأولي شغل احد افرادها حسين عبد الغفار مقعد دائرة تلا في الهيئة النيابية الأولي ثم اصبح عضوا لمجلس الشيوخ في نفس الهيئة , كما شغل احمد عبد الغفار مقعد نفس الدائرة في الهيئتين الثانية والسادسة , كذلك فإن عائلة الزمر ( جيزة ) قد شاركت في التجربة البرلمانية الأولي وأصبحت ممثلة في الهيئات الست ومن بين أعضائها كان حفناوي الزمر عضوا عن دائرة امبابة في الهيئتين الأولي والثانية وعضوا عن دائرة ناهيا في الهيئات الثالثة والرابعة والخامسة والسادسة , وبدورها عائلة سليمان عبد العال التي شاركت في التجربة النيابية الأولي والهيئات التالية فقد شغل احد أعضائها وهو علي محمود مقعد دائرة أبو تيج في الهيئة البرلمانية الثانية , ثم شغل محمد محمود مقعد دائرة الغنايم قبلي في الهيئة البرلمانية الثالثة ثم مقعد دائرة البربا في الهيئة البرلمانية السادسة كما شغل حنفي محمود سليمان مقعد دائرة بصرة في نفس الهيئة .
أما عائلة محفوظ التي يقول عنها علي مبارك في الخطط انها كانت ذات سطوة في قرية الحواتكة في القرن التاسع عشر وبرزت كعائلة برلمانية منذ التجربة النيابية الأولي فقد كان احد أعضائها محمد محفوظ نائبا عن دائرة الحواتكة في الهيئتين الثانية والثالثة كما اصبح رشوان محفوظ ممثلا لتلك الدائرة في الهيئة النيابية السادسة وفي الجيزة تبرز عائلة الزمر كواحدة من العائلات البرلمانية منذ التجربة البرلمانية الأولي . وعائلة سراج الدين التي برزت كواحدة من أسر الأعيان في أواخر القرن التاسع عشر شغل بعض أعضائها مقاعد في ثلاث دوائر مختلفة في مديرية الغربية ثلاث هيئات مختلفة فقد شغل سراج الدين شاهين مقعد دائرة الحامول في الهيئتين الأولي والثانية ومقعد دائرة بلقاس في الهيئة الخامسة كما شغل محمد فؤاد سراج الدين مقعد دائرة بلقاس في الهيئة البرلمانية السادسة ومثل عائلة سراج الدين عائلة البدراوي عاشور التي اصبح احد أعضائها محمد بدراوي عضوا عن دائرة نبروه في الهيئات الأولي والثانية والثالثة والرابعة ثم حل محله السيد محمد بدراوي في نفس الدائرة في الهيئة السادسة , كما اصبح عبد العزيز محمد البدراوي نائبا عن دائرة أبو غالب في نفس الهيئة .
كذلك فقد برزت بعض العائلات القبطية كعائلات برلمانية من تلك العائلات عائلة عبيد وهي عائلة معروفة في قنا , حيث عمل مؤسسها بشارة عبيد بالتجارة في ظروف الانفتاح التي اعقب عصر محمد علي ثم أصبحت تلك العائلة من كبار الملاك وفي أول انتخابات أجربت عام 1924 نجح مكرم عبيد كعضو في مجلس الشيوخ ثم شغل مقعد دائرة الخليفة في الهيئتين الثالثة والرابعة ومقعد دائرة قوص في الهيئة السادسة كما شغل ابنه وليم مكرم عبيد مقعد دائرة مطوبس في الهيئة الثالثة .
ومثل عائلة عبيد عائلة ويصا التي نشأت كعائلة تجارية في مدينة أسيوط في النصف الثاني من القرن عشر ثم أصبحت من كبار الملاك . وقد شغل احد افرادها ويصا واصف مقعد دائرة المطرية دقهلية في الهيئات النيابية الأولي والثانية والثالثة والرابعة , كما شغل جورج ويصا مقعد دائرة صنبو ( أسيوط ) في الهيئة الرابعة بينما شغل ادوارد ويصا مقعد نفس الدائرة في الهيئة السادسة .
وعائلة حنا بالفشن شغل اثنان من افرادها مقعد دائرة الفشن في اربع هيئات فقد شغل بشري هنا مقعد دائرة الفشن في الهيئتين الأولي والثانية . كما شغل راغب حنا مقعد نفس الدائرة في الهيئتين الرابعة والسادسة , أما عائلة عبد النور في جرجا فقد شغل أحد افرادها وهو فخري عبد النور مقعد دائرة جرجا في الهيئات البرلمانية الأولي والثالثة والرابعة . أما عائلة غالي فتبرز كعائلة نيابية في بني سويف فقد شغل واصف بطرس غالي مقعد مدينة بني سويف في الهيئات الأولي والثانية والثالثة والرابعة والسادسة .
وفي هذا السياق يمكن توضيح العلاقة بين حجم عضوية المجالس النيابية وحجم الثروة فخلال الفترة موضوع الدراسة كانت العائلات الاكثر غني هي الاكثر تواجدا في المجالس النيابية خصوصا مجلس الشيوح . فعائلة الوكيل التي كانت تمتلك 5000 فدان ومحالج للقطن وكان بعض افرادها من كبار تجار القطن تواجد افرادها في عدد من الهيئات النيابية , فقد شغل عبد الواحد الوكيل مقعد دائرة الرحمانية في الهيئات الأولي والثانية والثالثة والرابعة والسادسة كما شغل محمد سليمان الوكيل دائرة مقعد بندر دمنهور في الهيئات الأولي والثانية والثالثة وعندما اصبح سليمان الوكيل عضوا في مجلس الشيوخ خلفه ابنه محمد محمود الوكيل في نفس الدائرة في الهيئتين الرابعة والخامسة .
وعائلة نوار التي كانت تمتلك عشرة الاف فدان ومحلبا للقطن وعقارات في البحيرة كان إسماعيل نوار أحد افرادها عضوا في الهيئة الرابعة ومثلها عائلة الجيار ( تجربتا ) التي كانت تمتلك 2000 فدان ومن افرادها مبروك الجيار الذي كان عضوا عن دائرة كفر الدوار في الهيئة الثانية وعبد السلام الجيار الذي كان عضوا عن دائرة ( خربتا ) في الهيئة الخامسة ومثلها عائلة المغازي الذي كان احد افرادها عضوا في الهيئات النيابية الأولي والثانية والثالثة والرابعة والسادسة عن دائرتي كوم الفشن وكفر الدوار القبلية .
وفي انتخابات يناير 1950 كانت بعض الدوائر مغلقة علي ممثلي تلك العائلات وبالتالي فاز مرشحوها بالتزكية من هذه العائلات الشواربي التي فاز منها عمر الشواربي عن دائرة قليوب وعائلة أباظة في الشرقية حيث فاز اثنان من افرادها وهما محمد احمد أباظة الذي فاز عن دائرة الجديدة وعزيز اباطة الذي فاز في دائرة منيا القمح , وعائلة سراج الدين وفاز منها عبد الحميد سراد في دائرة الحامول , وعائلة الشريعي وفاز منها عبد الوهاب احمد الشريعي في دائرة اطسا , كما فاز يوسف محمد الشريعي في دائرة سمالوط , وعائلة محفوظ التي فاز منها رشوان محفوظ في دائرة الحواتكة . وفي بعض الدوائر كان الترشيح قاصرا علي أبناء تلك العائلات كما هو الحال في دائرة أخطاب حيث كان المرشحان من عائلة الاتربي , وكما هو الحال في دائرة مغاغة حيث كان المرشحون من عائلة لملوم السعدي .
لقد استطاعت ثورة يوليو ازاحة كبار الملاك عن مواقع السلطة السياسية وعن الصدارة الاقتصادية خاصة أولئك الذين ارتبطوا بالقصر أو بحزب الوفد وكان معظمهم من الملاك المنتغيبين , الامر الذي اتاح لمتوسطي الملاك أن يلعبوا دورا اكبر في الحياة السياسة والاقتصادية . وكان صراع الوفد مع القصر ابتداء من عام 1924 قد اتاح لهذه الشرائح من أعيان الريف قدرا اكبر من المشاركة في الهيئات النيابية وبالتالي فإن ازاحة كبار الملاك عن الساحة السياسية قد اتاح قدرا اكبر من المشاركة السياسية لتلك الفئات الاجتماعية . ونفس الوقت فإن بعض الأسر المنتمية لتلك الشرائح كانت لديها القدرة علي التكيف مع ما احدثته الثورة من تغييرات .
وقد لاحظت الباحثة عزة وهبي في دراستها عن برلمان 1957 الذي جري انتخابه في ظل ثورة يوليو انه من بين 381 أسرة شاركت في الحياة النيابية بدرجة أو بأخري في الحياة النيابية السابقة علي الثورة كانت هناك 64 أسرة لها ممثلون في البرلمان الجديد ومن بين الأسر الاخيرة كانت هناك 12 أسرة شاركت في أكثر من 12 دورة برلمانية قبل الثورة .
كذلك لاحظ الباحث الامريكي ' بايندر ' انه من بين حوالي 237 أسرة اصبح يتناولها علي مبارك في الخطط التوفيقية كانت هناك 71 أسرة اصبح احفادهم أعضاء في لجان الاتحاد الفوقي في نفس القري التي ذكرها علي مبارك .
وفي النهاية فإن استقراع تاريخ الحياة البرلمانية منذ إنشاء أول مجلس نيابي عام 1866 في عهد الخديوي إسماعيل وحتي نهاية القرن العشرين يؤكد احتكار اسر بعينها لعضوية المجال
حدث الاشارة رلي أهم الدراسات التي صدرت في الموضوع والتي تم الإستعانه بها فضلا عن الوثائق المنشورة عن الموضوع من قبل وزارة الداخلية حول نتائج الانتخابات وكذلك بعض الوثائق غير المنشورة عن كبار العائلات في مديرية البحيرة والمنيا , إلي جانب معلومات عن اعضاء مجلس الشيوخ بالقرشية كانت ضمن أوراق عابدين التي آلت إلي مركز تاريخ مصر المعاصر ثم دار الوثائق بعد ذلك .وفي مقدمة الباحثين المصريين الذين اهتموا بالموضوع عزة وهبي في دراستيها اللتين صدرتا عن مركز الدراسات السياسية بمؤسسة الأهرام الأولي عام 1985 تحت عنوان : تجربة الديمقراطية الليبرالية في مصر . دراسة تحليلية لآخر برلمان مصري قبل ثورة يوليو 1952 والثانية نشرت عام 1993 تحت عنوان : السلطة التشريعية في النظام السياسي المصري بعد يوليو 1952 دراسة تحليلية في تجربة مجلس الأمة 1937 ودراسة صلاح عيسي عن الثورة العرابية والتي تناولت في بعض موضوعاتها التجربة النيابية الأولي , والتي صدرت عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر في بيروت عام 1970.
وفيما يتعلق بالباحثين الأجانب الذين اهتموا بالموضوع تأتي دراسة الباحث الامريكي بايندر التي صدرت عن جامعة شيكاغو عام 1970 - In amoment of enthusiam , political power and the secand stratum in egypt
أما الدراسة الاحدث عن الموضوع فقد قامت بها الباحثة اليابانية ايمي سوزوكي عن الأسر البرلمانية في مصر في القرنين التاسع عشر والعشرين وهو الموضوع الذي حصلت به علي الدكتوراه من جامعة طوكيو عام 2002.
والحقيقة أن دراسة موضوع الأسر البرلمانية في مصر المعاصرة يتطلب الحديث عن نشأة طبقة أعيان الريف والتي ارتبطت بدورها بالتغييرات التي أحدثها محمد علي في القطاع الزراعي وانعكاس تلك التغييرات علي البناء الطبقي .
فالطبقة العليا من الملتزمين وهم كبار المستفيدين من الاراضي الزراعية قد صفيت سواء في شكل ما حدث في مذبحة القلعة وهم كبار المستفيدين أو من خلال إسقاط نظام الالتزام وما ترتب علي ذلك من تجريد الملتزمين من مصادر ثروتهم وفي هذا الاتجاه تقول هيلين ريفيلين الباحثة الأمريكية ' أن طبقة ملاك الأراضي القديمة قد دمرت أو جردت من ملكيتها وتمهد السبيل لظهور طبقة جديدة من ملاك الأراضي '.
ومن ناحية أخري فإن طلائع الطبقة الوسطي المصرية من التجار والحرفيين والصناع والعلماء وهي الطبقة التي برز دورها في فترة الكفاح ضد الفرنسيين والفترة التالية التي انتهت بتنصيب محمد علي واليا علي مصر , هذه الطبقة تراجعت خلال حكم ' محمد علي ' بسبب قطاع التجار قد ضعف من خلال نظام الاحتكار الذي اضعف فرص التجارة التي كانت متاحة من قبل .
كما أن قطاع الصناع والحرفيين قد ضعف بدوره من خلال نظام الصناعة الذي أقامه محمد علي والذي حظر بمقتضاه النشاط الخاص في بعض الصناعات .
أما العلماء فقد ضعف مركزهم الاقتصادي خلال سقوط نظام الالتزام والاستيلاء علي الأوقاف الخيرية , وكان بعضهم ملتزمين والبعض الآخر نظار أوقاف كما تلاشي دورهم السياسي بعد الصدام الذي خاضه محمد علي مع السيد عمر مكرم .
أما طبقة الفلاحين فقد انتقلت من الاستغلال غير المنظم في ظل النظام القديم إلي الاستغلال المنظم في ظل نظام محمد علي .
وهكذا بدأت تتشكل ملامح خريطة جديدة للقوي الاجتماعية من خلال التغييرات التي أحدثها محمد علي ما لبثت أن استكملت ملامحها خلال التطورات اللاحقة .
فالطبقة العليا التي تكونت إلي جانب أسرة محمد علي من الأتراك والشراكسة وبقايا المماليك والأرمن واحتلت مناصب الجيش والإدارة تحولت إلي كبار ملاك وظلت تتمتع بهذا الوضع حتي نهاية حكم إسماعيل حين حاولت إزاحتها عن موقع الصدارة شريحة اجتماعية جديدة من أعيان الريف تكونت في ظروف التغييرات التي أحدثها محمد علي والتطورات اللاحقة لعصر محمد علي ولعل أهم العوامل التي ساعدت علي تكوين الطبقة والصلاحيات التي تمتع بها مشايخ القري في مجتمع القرية واستمرار ذلك المنصب في بعض الأسر لعدة أجيال .
وحول هذه الصفوة الجديدة سوف يتمحور تاريخ مصر السياسي والاجتماعي في القرنين التاسع عشر والعشرين , ويكفي أن نعلم أن تلك الصفوة قدمت لمصر أبرز قادتها ومفكريها من أمثال احمد عرابي وسعد زغلول وبعض قادة ثورة يوليو في مجال السياسة كما قدمت احمد لطفي السيد ومحمد حسين هيكل ومحمد عبده في مجال الفكر .
أعيان الريف والتجربة النيابية الأولي
ترجع مشاركة الأعيان في السلطة الي مجلس المشورة الذي أنشأه محمد علي عام .1892 لمساعدته في الشئون الداخلية وكان اقرب إلي جمعية عمومية مؤلفة من 156 عضوا جميعهم معينون ويمثلون جميع الطبقات وكان من بينهم 99 عضوا من كبار الأعيان من مشايخ القري من أمثال الشيح حسن أباظة والشيخ بغدادي أباظة عن ناحية شيبة بالشرقية , والشيخ احمد المنشاوي عن طنطا , والشيخ محمد الشواربي عن قليوب , والشيخ علي الشريعي عن الفشن ورأس المجلس إبراهيم باشا , وكان المجلس ينعقد مرة واحدة في السنة وكانت مشورته قاصرة علي مسائل الإدارة والتعليم والأشغال العامة وكلها تتعلق بالشئون الداخلية , وكان عليه أيضا بحث الشكاوي المقدمة له , ووضع الاقتراحات والحلول بشأنها .
وفي إطار مشروع النهضة الذي تبناه الخديوي إسماعيل تم إنشاء مجلس شوري النواب عام 1866 للاستعانة بالأعيان في حل بعض المشكلات التي تتصل بالزراعة وبعض المشكلات الأخري وإن كان مجلس شوري النواب في أواخر عهد إسماعيل قد تطرق للمشكلات السياسية والاقتصادية التي أصبحت تعاني منها البلاد .
ويلاحظ أن مجلس شوري النواب خلال تلك الفترة كان أقرب إلي مجلس للأعيان وهي حقيقة تؤكدها اللائحة النظامية التي صدرت في ذلك الشأن والتي قصرت حق الانتخاب والترشيح للمجلس علي عمد ومشايخ القري . كما يؤكدها التركيب الاجتماعي للعضوية في المجالس الثلاثة التي شهدها عهد إسماعيل والتي توضح مدي النفوذ الذي وصلت إليه طبقة أعيان الريف من عمد ومشايخ القري .
ففي مجلس الأول الذي انتخب سنة 1866 بلغ عدد العمد 58 عضوا من بين عدد الأعضاء البالغ 57 عضوا وكانت هناك مديريات جميع أعضائها من العمد هي المنوفية والبحيرة والجيزة وبني سويف والفيوم والمنيا وبني مزار وضم هذا المجلس أعضاء من كبار البيوتات من الأعيان من أمثال اتربي أبو العز عن أخطاب دقهلية , ونصر الشواربي عن قليوب وعامر الزمر عن ناهيا بالجيزة وإبراهيم الشريعي عن سمالوط وميخائيل اثناسيوس عن اشروبة بالمنيا وحسن شعرواي عن المطاهرة بالمنيا وسليمان عبد العال عن الساحل بأسيوط وحميد أبو ستيت عن أولاد علبو بجرجا واحمد الوكيل عن سمخراط بالبحيرة واحمد افندي أباظة عن منيا القمح .
ويلاحظ أن بعض هؤلاء الأعضاء ينحدرون من أسر كانت ممثلة في مجلس المشورة مثل عائلات أباظة والشواربي وهلال والشريعي . وفي الهيئة النيابية الثانية التي انتخبت سنة 1870 كان عدد نواب المجلس 75 عضوا من بينهم 63 عضوا من العمد والمشايخ وكانت هناك تسع مديريات جميع أعضائها من العمد هي البحيرة والشرقية والدقهلية والقليوبية والمنوفية والمنيا وبني مزار وبني سويف والفيوم والجيزة وقنا وشهد المجلس نوابا جددا من أمثال السيد عيسوي الشريف عن ابيار بالغربية ومحمد الاتربي عمدة أخطاب دقهلية والسيد الفقي عمدة كمشيش بالمنوفية واحمد عبد الغفار عمدة تلا بالمنوفية أيضا ومحفوظ رشوان عمدة الحواتكة بأسيوط وحسن عبد الرازق عمدة أبو جرج بالمنيا واحمد علي محمود عمدة الرحمانية بالبحيرة . كما ضم المجلس 7 من التجار .
وبلغ عدد نواب الهيئة النيابية الثالثة التي انتخبت سنة 1876 بلغ 74 عضوا من بينهم 60 عضوا من عمد ومشايخ القري بينما كانت هناك مديريات كل أعضائها من العمد مثل المنوفية والبحيرة والدقهلية والشرقية والجيزة والفيوم وأسيوط وقنا فضلا عن سبعة من التجار .
وكان التركيب الاجتماعي للعضوية في المجلس النيابي الرابع ( ديسمبر 1881- يونيو 1882) لا يختلف عن المجالس الثلاثة التي سبقته وإن كان ممثلوه قد جاءوا من أكثر اسر الأعيان غني وكان من بين أعضائه 20 من الأعضاء الذين سبق انتخابهم في مجالس سابقة من أمثال محمد بك الشواربي , وهلال بك , وإبراهيم بك الوكيل , وعلي بك شعير , والسيد افندي الفقي , واحمد افندي عبد الغفار واحمد بك أباظة ومحفوظ افندي رشوان .
لقد كانت الأغلبية العظمي من أعضاء الهيئات الأربع من العمد وكبار الملاك من الزراعيين بينما ظل عدد التجار ثابتا فقد كان ممثلو القاهرة ثلاثة من التجار والإسكندرية اثنين ودمياط تاجرا واحدا وبرزت من بينهم أسماء مثل محمود العطار وعبد السلام المويلحي والسيد العقدة , وسيد اللوزي .
لقد استمرت تجربة الحياة النيابية الأولي 16 عاما 1866-1882 شغل فيها بعض الأعضاء أكثر من هيئة من هؤلاء محمود العطار , وعبد السلام المويلحي وعبد الرازق الشوربجي وهم نواب القاهرة والإسكندرية من التجار ويلاحظ أن عشرين عضوا من مجلس شوري النواب 1882 كانوا أعضاء في مجالس سابقة ومراجعة اسماء أعضاء الهيئات النيابية الأربع خلال الفترة المشار إليها توضح أن هناك حوالي 50 عائلة كانت تحتكر التمثيل النيابي منها عائلات الشريف , وعيسوي واثري أبو العز , والصيرفي , والوكيل , وأباظة والشواربي , وأبو ستيت , والزمر والشريعي , وسليمان عبد العال , ورشوان محفوظ وحمادي , وعبد الشهيد وعبد الرازق , وحسن شعراوي والزمر , واثناسيوس . وسلطان , ومحمد المويلحي . وبعض هذه العائلات كان لها ممثلون في الهيئات الأربع .
الهيئات شبه النيابية
في التقرير الذي وضعه الانجليزي دوقرين عام 1883 لتنظيم الإدارة المصرية حدد ملامح النظام شبه النيابي الذي ارادة الإنجليز في مصر والذي يشبه إلي حد كبير النظام الذي أقيم في الهند . وعندما صدر القانون الاساسي الخاص بتنظيم الإدارة في مصر تضمن نفس تلك الاقتراحات التي هدفت إلي إشراك الأعيان بصورة شكلية والحد من استمرار سيطرة الأتراك والشراكسة علي الإدارة ويعتمد النظام شبه النيابي الذي إقامه الاحتلال ثلاثة أنواع من المجالس هي مجلس المديريات ثم مجلس شوري القوانين , والجمعية العمومية .
وتتداخل المجالس الثلاثة من حيث تركيب العضوية . وكان حجر الزاوية في ذلك النظام هو مجالس المديريات التي اعتبرها القانون الخطوة الأولي في إقامة النظام النيابي . وقد نص القانون علي أن يكون عدد أعضاء مجلس المديرية ما بين 3 ـ 8 أعضاء . ثم زيد ذلك العدد في 1908 ليصبح ما بين 6 ـ 20 وانقص شرط الضرائب إلي 25 جنيها إذا كان العضو حاصلا علي شهادة عليا وهو ملبغ يدفع عن حوالي 60 فدانا ومن ثم شغل الأعيان تلك المجالس في الأقاليم .
أما مجلس شوري القوانين فكان يتألف من 30 عضوا منهم 14 يعينهم الخديوي ووزراؤه منهم رئيس المجلس وأحد الوكيلين , أما الأعضاء الآخرون فتنتخبهم مجالس المديريات لمدة ست سنوات . وكانت الجمعية العمومية تتكون من الوزراء وأعضاء مجلس شوري القوانين و 46 عضوا يتم انتخابهم من كل أنحاء القطر .
والحقيقة أن تلك المؤسسات التي أقامها الاحتلال كانت شكلية كما سيطر عليها الأعيان من كبار الملاك . وإذا استعرضنا التركيب الاجتماعي للعضوية في مجلس شوري القوانين الذي تم تشكيله في ديسمبر 1889 نجده يعكس الحقيقة السابقة فمن بين أعضائه نجد احمد أباظة عن الشرقية واحمد عبد الغفار عن المنوفية , واحمد افندي الهرميل عن الغربية , واحمد الصوفاني عن البحيرة , وطلبه سعودي عن الفيوم , ومصطفي خليفة عن أسيوط .
أما الجمعية العمومية التي تشكلت 1903 فنجد من بين أعضائها طلبة سعودي وحسن عبد الرازق , ومفتاح معبد وأمين الشمس ومحمد الوكيل واحمد خشبة وعلي الرغم من أن بعضهم ينحدر من عائلات تجارية إلا أنهم كانوا أيضا من كبار الملاك الزراعيين من أمثال أمين الشمشي واحمد خشبة .
وكان مجلس شوري القوانين يتكون من بقايا الأسر التركية والشركسية ومن الأعيان الذين كانوا اقل عداء للاحتلال .
وفي عام 1913 استحدثت سلطات الاحتلال مجلسا جديدا هو الجمعية التشريعية وتقوم فكرتها علي دمج المجلسين في مجلس واحد وإن كان الانتخاب فيها يتم علي درجتين وكان مجموع أعضائها 38 تعين الحكومة 17 منهم وبدورها لم تكن قرارات الجمعية التشريعية ملزمة .
وقد أسفرت الانتخابات عن فوز 49 عضوا من كبار الملاك وثمانية محامين ومهندس واحد , ومن بين الأعضاء نجد 21 عضوا كانوا أعضاء بمجلس شوري القوانين والجمعية العمومية من أمثال احمد مظلوم وعدلي يكن ومحمد الشريعي وخليل فهمي وسينوت حنا ومحمد رشوان والزمر وعلي شعراوي , وحسين الشريعي وعبد الرحمن محمود وعمر عبد الآخر وحافظ المنشاوي وبعض هؤلاء الأعضاء كان يجمع بين عضوية أكثر من مجلس علي مستويات مختلفة .
فمثلا كان حميد أبو شتيت عضوا لمجلس مديرية جرجا . وعضو لجنة الشياخات وفي مطلع القرن العشرين عبر هؤلاء عن مصالحهم في شكل حزب سياسي هو حزب الأمة الذي ضم حسن عبد الرازق . واحمد الباسل , وسليمان أباظة , ومحمود سليمان وعلي شعراوي , والأخوان بشري وسينوت حنا , وعمر سلطان وفخري عبد النور , ومحمد الاتربي , ومحمد حفني الطرزي . ومحمود عبدالرازق . وهكذا كان التركيب الاجتماعي متمشيا مع التركيب الاجتماعي للهيئات شبه النيابية التي سبقتها .
الأسر النيابية في ظل دستور 1923
كانت الثورة العرابية في بعض جوانيها صراعا علي السلطة بين الأعيان المصريين والذوات من الأتراك والشراكسة وقد دخل الاحتلال إلي مصر علي بساط من خيانة بعض الأعيان الذين تخلوا عن الثورة وانحازوا للخديوي وقوات الغزو عندما دخل الصدام بين الثورة والانجليز مرحلته الحاسمة . وإذا كانت قد تمت تصفية لعناصر الثورة عقب الاحتلال فإن السلطات البريطانية كانت مصممة علي عدم عودة الطبقة القديمة من الأتراك والشراكسة إلي سابق امتيازاتها وفي نفس الوقت حاول البريطانيون تبني صفوة جديدة من الأعيان الذين تعاونوا معهم .
وكان حرمان الطبقة القديمة من بعض امتيازاتها سببا في تقاربها مع الصفوة الجديدة من الأعيان وبالتقاء هاتين الشريحتين أصبحت امام الصفوة من كبار الملاك وإن اختلفت اصولها العرقية والاجتماعية .
ولم يكن اولئك الملاك أصحاب مصالح يدافعون عنها من خلال وجودهم في الهيئات النيابية فحسب بل أن ملكيتهم لمساحات كبيرة من الاراضي الزراعية قد كفلت لهم ايضا مكانة اجتماعية وساعدتهم علي التواجد في السلطة التنفيذية وفي التنظيمات الحزبية وفي مجالس المديريات وفيما يتعلق بالهيئات النيابية فقد سيطرت اسر بعينها علي تلك الهيئات خلال الفترة التي تنتهي بقيام ثورة يوليو 1952, وفي الفترة التي تلتها أيضا .
وفي محاولة لقراءة نتائج الانتخابات خلال الفترة الممتدة من 15 مارس 1924 وحتي 2 فبراير 1983 والتي شهدت ست هيئات برلمانية جاءت النتائج علي علي النحو التالي :
سيطرة أسر بعينها علي تلك الهيئات وبعض تلك العائلات كان لها استمرارية منذ التجربة النيابية الأولي مثل عائلات أباظة والشواربي وعبد الغفار والوكيل وإتربي أبو العز والزمر والشريعي وعبد الرازق وشعراوي ومحفوظ وسليمان عبد العال وحمادي والشمس .
إن بعض الأسر تواجد أعضاؤها في أكثر من هيئة برلمانية متتالية وفي بعض الاحيان في أكثر من دائرة في الهيئة الواحدة مثل :
عائلة أباظة التي كانت ممثلة في مجلس المشورة 1829 بأثنين من أعضائها وقد شغل افراد هذه الاسرة أكثر من موقع في الهيئات النيابية الست فإبراهيم أباظة كان عضوا عن دائرة بردين في الهيئات الثانية والثالثة والخامسة , كما شغل محمد عثمان عن دائرة أباظة مقعد دائرة التلين في الهيئة الثانية أيضا شغل محمد عزيز أباظة مقعد نائب نفس الدائرة في الهيئتين الرابعة والخامسة , بينما شغل سليمان إسماعيل أباظة مقعد دائرة ابو حماد في الهيئة الخامسة كما شغل محمد فكري أباظة مقعد الدائرة السابقة في الهيئة السادسة و تواجدافرادها في أكثر من هيئة فقد شغل حامد الشواربي عضوية دائرة قليوب في الهيئات الأولي والثانية والثالثة والرابعة كما شغل عمر الشواربي مقعد دائرة قليوب في الهيئة السادسة .
وعائلة عبد الغفار التي برزت كعائلة برلمانية منذ التجربة النيابية الأولي شغل احد افرادها حسين عبد الغفار مقعد دائرة تلا في الهيئة النيابية الأولي ثم اصبح عضوا لمجلس الشيوخ في نفس الهيئة , كما شغل احمد عبد الغفار مقعد نفس الدائرة في الهيئتين الثانية والسادسة , كذلك فإن عائلة الزمر ( جيزة ) قد شاركت في التجربة البرلمانية الأولي وأصبحت ممثلة في الهيئات الست ومن بين أعضائها كان حفناوي الزمر عضوا عن دائرة امبابة في الهيئتين الأولي والثانية وعضوا عن دائرة ناهيا في الهيئات الثالثة والرابعة والخامسة والسادسة , وبدورها عائلة سليمان عبد العال التي شاركت في التجربة النيابية الأولي والهيئات التالية فقد شغل احد أعضائها وهو علي محمود مقعد دائرة أبو تيج في الهيئة البرلمانية الثانية , ثم شغل محمد محمود مقعد دائرة الغنايم قبلي في الهيئة البرلمانية الثالثة ثم مقعد دائرة البربا في الهيئة البرلمانية السادسة كما شغل حنفي محمود سليمان مقعد دائرة بصرة في نفس الهيئة .
أما عائلة محفوظ التي يقول عنها علي مبارك في الخطط انها كانت ذات سطوة في قرية الحواتكة في القرن التاسع عشر وبرزت كعائلة برلمانية منذ التجربة النيابية الأولي فقد كان احد أعضائها محمد محفوظ نائبا عن دائرة الحواتكة في الهيئتين الثانية والثالثة كما اصبح رشوان محفوظ ممثلا لتلك الدائرة في الهيئة النيابية السادسة وفي الجيزة تبرز عائلة الزمر كواحدة من العائلات البرلمانية منذ التجربة البرلمانية الأولي . وعائلة سراج الدين التي برزت كواحدة من أسر الأعيان في أواخر القرن التاسع عشر شغل بعض أعضائها مقاعد في ثلاث دوائر مختلفة في مديرية الغربية ثلاث هيئات مختلفة فقد شغل سراج الدين شاهين مقعد دائرة الحامول في الهيئتين الأولي والثانية ومقعد دائرة بلقاس في الهيئة الخامسة كما شغل محمد فؤاد سراج الدين مقعد دائرة بلقاس في الهيئة البرلمانية السادسة ومثل عائلة سراج الدين عائلة البدراوي عاشور التي اصبح احد أعضائها محمد بدراوي عضوا عن دائرة نبروه في الهيئات الأولي والثانية والثالثة والرابعة ثم حل محله السيد محمد بدراوي في نفس الدائرة في الهيئة السادسة , كما اصبح عبد العزيز محمد البدراوي نائبا عن دائرة أبو غالب في نفس الهيئة .
كذلك فقد برزت بعض العائلات القبطية كعائلات برلمانية من تلك العائلات عائلة عبيد وهي عائلة معروفة في قنا , حيث عمل مؤسسها بشارة عبيد بالتجارة في ظروف الانفتاح التي اعقب عصر محمد علي ثم أصبحت تلك العائلة من كبار الملاك وفي أول انتخابات أجربت عام 1924 نجح مكرم عبيد كعضو في مجلس الشيوخ ثم شغل مقعد دائرة الخليفة في الهيئتين الثالثة والرابعة ومقعد دائرة قوص في الهيئة السادسة كما شغل ابنه وليم مكرم عبيد مقعد دائرة مطوبس في الهيئة الثالثة .
ومثل عائلة عبيد عائلة ويصا التي نشأت كعائلة تجارية في مدينة أسيوط في النصف الثاني من القرن عشر ثم أصبحت من كبار الملاك . وقد شغل احد افرادها ويصا واصف مقعد دائرة المطرية دقهلية في الهيئات النيابية الأولي والثانية والثالثة والرابعة , كما شغل جورج ويصا مقعد دائرة صنبو ( أسيوط ) في الهيئة الرابعة بينما شغل ادوارد ويصا مقعد نفس الدائرة في الهيئة السادسة .
وعائلة حنا بالفشن شغل اثنان من افرادها مقعد دائرة الفشن في اربع هيئات فقد شغل بشري هنا مقعد دائرة الفشن في الهيئتين الأولي والثانية . كما شغل راغب حنا مقعد نفس الدائرة في الهيئتين الرابعة والسادسة , أما عائلة عبد النور في جرجا فقد شغل أحد افرادها وهو فخري عبد النور مقعد دائرة جرجا في الهيئات البرلمانية الأولي والثالثة والرابعة . أما عائلة غالي فتبرز كعائلة نيابية في بني سويف فقد شغل واصف بطرس غالي مقعد مدينة بني سويف في الهيئات الأولي والثانية والثالثة والرابعة والسادسة .
وفي هذا السياق يمكن توضيح العلاقة بين حجم عضوية المجالس النيابية وحجم الثروة فخلال الفترة موضوع الدراسة كانت العائلات الاكثر غني هي الاكثر تواجدا في المجالس النيابية خصوصا مجلس الشيوح . فعائلة الوكيل التي كانت تمتلك 5000 فدان ومحالج للقطن وكان بعض افرادها من كبار تجار القطن تواجد افرادها في عدد من الهيئات النيابية , فقد شغل عبد الواحد الوكيل مقعد دائرة الرحمانية في الهيئات الأولي والثانية والثالثة والرابعة والسادسة كما شغل محمد سليمان الوكيل دائرة مقعد بندر دمنهور في الهيئات الأولي والثانية والثالثة وعندما اصبح سليمان الوكيل عضوا في مجلس الشيوخ خلفه ابنه محمد محمود الوكيل في نفس الدائرة في الهيئتين الرابعة والخامسة .
وعائلة نوار التي كانت تمتلك عشرة الاف فدان ومحلبا للقطن وعقارات في البحيرة كان إسماعيل نوار أحد افرادها عضوا في الهيئة الرابعة ومثلها عائلة الجيار ( تجربتا ) التي كانت تمتلك 2000 فدان ومن افرادها مبروك الجيار الذي كان عضوا عن دائرة كفر الدوار في الهيئة الثانية وعبد السلام الجيار الذي كان عضوا عن دائرة ( خربتا ) في الهيئة الخامسة ومثلها عائلة المغازي الذي كان احد افرادها عضوا في الهيئات النيابية الأولي والثانية والثالثة والرابعة والسادسة عن دائرتي كوم الفشن وكفر الدوار القبلية .
وفي انتخابات يناير 1950 كانت بعض الدوائر مغلقة علي ممثلي تلك العائلات وبالتالي فاز مرشحوها بالتزكية من هذه العائلات الشواربي التي فاز منها عمر الشواربي عن دائرة قليوب وعائلة أباظة في الشرقية حيث فاز اثنان من افرادها وهما محمد احمد أباظة الذي فاز عن دائرة الجديدة وعزيز اباطة الذي فاز في دائرة منيا القمح , وعائلة سراج الدين وفاز منها عبد الحميد سراد في دائرة الحامول , وعائلة الشريعي وفاز منها عبد الوهاب احمد الشريعي في دائرة اطسا , كما فاز يوسف محمد الشريعي في دائرة سمالوط , وعائلة محفوظ التي فاز منها رشوان محفوظ في دائرة الحواتكة . وفي بعض الدوائر كان الترشيح قاصرا علي أبناء تلك العائلات كما هو الحال في دائرة أخطاب حيث كان المرشحان من عائلة الاتربي , وكما هو الحال في دائرة مغاغة حيث كان المرشحون من عائلة لملوم السعدي .
لقد استطاعت ثورة يوليو ازاحة كبار الملاك عن مواقع السلطة السياسية وعن الصدارة الاقتصادية خاصة أولئك الذين ارتبطوا بالقصر أو بحزب الوفد وكان معظمهم من الملاك المنتغيبين , الامر الذي اتاح لمتوسطي الملاك أن يلعبوا دورا اكبر في الحياة السياسة والاقتصادية . وكان صراع الوفد مع القصر ابتداء من عام 1924 قد اتاح لهذه الشرائح من أعيان الريف قدرا اكبر من المشاركة في الهيئات النيابية وبالتالي فإن ازاحة كبار الملاك عن الساحة السياسية قد اتاح قدرا اكبر من المشاركة السياسية لتلك الفئات الاجتماعية . ونفس الوقت فإن بعض الأسر المنتمية لتلك الشرائح كانت لديها القدرة علي التكيف مع ما احدثته الثورة من تغييرات .
وقد لاحظت الباحثة عزة وهبي في دراستها عن برلمان 1957 الذي جري انتخابه في ظل ثورة يوليو انه من بين 381 أسرة شاركت في الحياة النيابية بدرجة أو بأخري في الحياة النيابية السابقة علي الثورة كانت هناك 64 أسرة لها ممثلون في البرلمان الجديد ومن بين الأسر الاخيرة كانت هناك 12 أسرة شاركت في أكثر من 12 دورة برلمانية قبل الثورة .
كذلك لاحظ الباحث الامريكي ' بايندر ' انه من بين حوالي 237 أسرة اصبح يتناولها علي مبارك في الخطط التوفيقية كانت هناك 71 أسرة اصبح احفادهم أعضاء في لجان الاتحاد الفوقي في نفس القري التي ذكرها علي مبارك .
وفي النهاية فإن استقراع تاريخ الحياة البرلمانية منذ إنشاء أول مجلس نيابي عام 1866 في عهد الخديوي إسماعيل وحتي نهاية القرن العشرين يؤكد احتكار اسر بعينها لعضوية المجال