دراسة حول أصل وتطور قرية "بيت داود سهل"
أولًا: الخلفية التاريخية
قبل فصل قرى "بيت داود سهل" عن "المحاسنة"، و"بيت الخريبي" و"بيت خلاف" عن "العوامر قبلي"، و"بيت علام" عن "المحاسنة" بسنوات طويلة، وُجدت قرية تُعرف باسم "بيت داود عيسى" تابعة إداريًا لمركز جرجا.
وفي فترة لاحقة، أُنشئت قرية جديدة بعد فصلها عن قرية المحاسنة تحت اسم "بيت داود سهل"، ليصبح هناك قريتان تحملان الاسم نفسه "بيت داود"، وهما:
- بيت داود عيسى.
- بيت داود سهل.
ظل هذا الوضع قائمًا لما يقارب ثلاثة وثمانين عامًا، حتى صدر في عام 1897م قرارٌ إداري يقضي بإلغاء قرية "بيت داود عيسى" وضم أراضيها إلى قرية العوامر قبلي تحت مسمى "نجع نجيب داود" أو "النجيبية"، وهو الاسم الذي يُرجح أنه تحوّل لاحقًا إلى "العجيبية"، وهي المنطقة الواقعة جنوب قرية "بيت داود سهل" الحالية.
للاطلاع على موقع قرية "بيت داود عيسى" على الخرائط القديمة، يمكن الرجوع إلى الرابط الآتي:
https://mowafialert.blogspot.com/2022/07/blog-post_14.html.
والله تعالى أعلم.
ثانيًا: القريتان اللتان حملتا اسم "بيت داود"
من الناحية التاريخية، وُجدت قريتان تحملان الاسم ذاته "بيت داود"، وهما:
- القرية الأولى: بيت داود عيسى، وهي الأقدم.
- القرية الثانية: بيت داود سهل، وهي الأحدث، وكانت تُعرف سابقًا باسم "أولاد داود" وتتبع إداريًا قرية المحاسنة.
جرى لاحقًا تغيير اسم "أولاد داود" إلى "بيت داود سهل"، ويُرجح أن ذلك جاء في إطار خطة إدارية أو اجتماعية لاعتبارها امتدادًا طبيعيًا أو جغرافيًا لقرية بيت داود عيسى، بهدف تعزيز الارتباط التاريخي بين القريتين وإبراز الطابع التراثي العريق للمنطقة.
وقد استمر وجود القريتين جنبًا إلى جنب حتى عام 1897م، حين تم إلغاء قرية بيت داود عيسى نهائيًا وإلحاق أراضيها بالعوامر قبلي. ومع مرور الزمن اختفى أثر "نجع نجيب داود"، الأمر الذي يرجح أن سكانه قد انتقلوا إلى قرية بيت داود سهل المجاورة ، و منهم من انتقل الى قرية العوامر قبلي ، و ما يؤكد هذا الرأى هو وجود عائلتين او اكثر في قرية العوامر قبلي تعود اصولهم الى قرية بيت داود ، و هم يفتخرون بذالك ، و طبائعهم و عاداتهم و لهجتهم تتوافق تماما مع ابناء قرية بيت داود.
ثالثًا: الموقع الجغرافي والسمات الطبوغرافية
تقع قرية بيت داود سهل بين قريتي المحاسنة جنوبًا وبيت خلاف شمالًا. وتشير الخرائط الجغرافية إلى أن المنطقة تُعرف باسم "LOWER DESERT"، وهو ما يدل على أن أراضيها منبسطة ومستوية تخلو من التضاريس الوعرة.
وفي اللغة العربية، يُطلق مصطلح "السهل" على الأرض المستوية التي لا تصل إلى ارتفاع الهضاب، بينما يُقابله في اللغة الإنجليزية مصطلح plain أو flat land. ويُستدل من ذلك على أن اختيار كلمة "سهل" في التسمية يرتبط بطبيعة الأرض الزراعية المنبسطة التي تميز موقع القرية.
رابعًا: دلالات التسمية وتحليلها اللغوي
تُعدّ كلمة "سهل" من الألفاظ ذات الدلالات المتعددة في اللغة العربية، ويمكن تصنيفها على النحو الآتي:
- صفة: تدل على اليسر والبساطة، وتُقابل معنى الصعوبة أو التعقيد.
- اسم مكان: يُستخدم للدلالة على الأرض المنبسطة الصالحة للزراعة.
- اسم علم مذكر: يُطلق على الشخص السمح اللين الطبع.
كما تظهر الكلمة في تراكيب لغوية شائعة مثل عبارة "أهلًا وسهلًا"، والتي تعني: جئتَ أهلًا ووطئتَ أرضًا سهلة، أي ميسّرة ومريحة.
وتُستخدم الكلمة كذلك في التعبيرات الجغرافية مثل "السهل الفيضي"، وهو الأرض المنخفضة الخصبة الناتجة عن رواسب الأنهار.
خامسًا: تفسيرات محتملة لتسمية القرية
توجد عدة آراء حول سبب إضافة كلمة "سهل" إلى اسم "بيت داود"، من أبرزها ما يأتي:
-
التفسير الجغرافي:
يرى هذا الاتجاه أن كلمة "سهل" أُضيفت إلى الاسم للدلالة على الطبيعة الطبوغرافية للمنطقة، أي أنها أرض مستوية خصبة صالحة للزراعة. -
التفسير الاجتماعي أو التاريخي:
قد يكون الاسم مرتبطًا بقبيلة تُعرف باسم "أولاد سهل"، إلا أن هذا الافتراض يفتقر إلى أدلة تاريخية قوية، ويستند فقط إلى تشابه الأسماء. -
التفسير اللغوي أو الدلالي:
يُحتمل أن الإضافة جاءت لتلطيف الاسم أو تجنب دلالات غير مرغوبة في اسم "أولاد داود" السابق، أو للتعبير عن سهولة المعيشة ويسر الحياة في المنطقة مقارنة بالمناطق المجاورة.
ويُلاحظ أن هذا النمط من التسمية يختلف عن القرى المجاورة التي اكتفت بتغيير طفيف في أسمائها بعد فصلها الإداري، مثل:
- "أولاد الخريبي" → "بيت الخريبي".
- "أولاد خلاف" → "بيت خلاف".
- "أولاد علام" → "بيت علام".
بينما أُطلق على "أولاد داود" اسم "بيت داود سهل"، وهو ما يُشير إلى خصوصية تاريخية أو جغرافية مميزة لهذه القرية دون غيرها.
سادسًا: التفسير المرجّح
عند تحليل جميع الدلالات والقرائن المتاحة، يُرجّح أن إضافة كلمة "سهل" إلى اسم "بيت داود" جاءت لتعكس طبيعة الأرض المستوية والخصبة التي تمتاز بها المنطقة، وهي سمة جعلت منها موقعًا مناسبًا للاستقرار البشري والنشاط الزراعي عبر التاريخ.
وقد أشار أحد تطبيقات الذكاء الاصطناعي في إجابة توضيحية إلى أن كلمة "سهل" في تسمية "بيت داود سهل" ترمز إلى الأرض الخصبة والمستوية، وتُستخدم في أسماء القرى للدلالة على سهولة الزراعة ووفرة الموارد الطبيعية.
وعليه، يمكن القول إن التسمية تعكس الطابع الجغرافي والزراعي للمنطقة، أكثر من كونها دلالة قبلية أو لغوية مجردة.
خاتمة
يبقى السبب الدقيق وراء اختيار اسم "بيت داود سهل" غير محسوم بشكل قاطع، غير أن الأدلة التاريخية والجغرافية المتاحة تشير إلى أن الاسم ارتبط بطبيعة الأرض وسهولة المعيشة فيها، وهو ما يتسق مع استخدام كلمة "سهل" في السياقات العربية للدلالة على اليسر والخصوبة والاستقرار.
والله تعالى أعلم.








