تاريخ جرجا ولاية الصعيد نهديها لكل مهتم ب علم التاريخ ، اللهم انى اعوذ بك من الزيغ و الزلل , اللهم اجعلنى خيرا مما يظنون , و اغفر لىّ ما لا يعلمون , و الله تعالى اعلى و اعلم سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وبَحَمْدكَ أشْهدُ أنْ لا إلهَ إلا أنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وأتُوبُ إِلَيْكَ " و العصر * ان الانسان لفى خسر * الا الذين امنوا و عملوا الصالحات و تواصوا بالحق و تواصوا بالصبر " اللهم انا نسألك العفو و العافية فى الدين و الدنيا و الاخرة ، اللهم رضاك و الجنة : ابو موافى قرية بيت داود جرجا
السبت، 22 أبريل 2023
الخميس، 30 مارس 2023
الكوم و الكيمان و التل و داير الناحية
الكِيْمَانُ والتِّلالُ وعَلاقَتُهَا بالقُرَى المِصْرِيَّةِ:
ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ
أولًا-مِصْرُ في زَمَنِ الفَيَضَانِ:
ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ
. كان الفيضانُ يأتي كل عامٍ ليَغْمُرَ أراضي مصر كلها، فتتحول مصرُ كلها إلى بحيرةٍ راكدةٍ يكسوها الماءُ لمدة أربعة أشهر، ولذلك اعتاد المصريون أن يبنوا مساكنهم في الأماكن المرتفعة التي لا يصلها الفيضان، ومن هنا كانت التلالُ والكيمانُ والرَّوَابي والكَرَادِيْدُ هي المكان المناسب لإنشاء القرى والتجمعات السكانية المختلفة. وليس المقصود بالتلال أو الكيمان ذلك المفهوم الجغرافي للتل الذي يرتفع بضع عشرات أو مئات من الأمتار، فأي تل بهذه المواصفات تكون شديدة الارتفاع يصعب الصعود إليها والنزول منها، بل هي مجرد (علواية) بمفهوم أهل الريف، أي منطقة مرتفعة عما يحيط بها من الأرض الزراعية بنحو مترين أو ثلاثة أمتار أو أربعة أمتار على الأكثر، لا يصل إليها الفيضان في الغالب، ويعجز الفلاحون عن رَيِّها أو رفع المياه إليها، فيقومون بتسويتها، وبناء مساكنهم فوقها. فكان الفيضان إذا جاء يغمر مصر كلها بالماء ما عدا القرى المبنية فوق الكيمان. فإذا نظرت إلى مصر من طائرة أو منطاد تجدها قد تحولت كلها إلى بحيرةٍ واسعة من المياه، وتنتشر فيها جزر منعزلة ومتفرقة هي القرى المصرية، وليس هناك من وسيلة للانتقال من قرية إلى أخرى إلى فوق الجسور التي تحيط بالأحواض وتربط القرى ببعضها. هذه الجسور هي الآن كل الطرق الزراعية الممتدة بين قرى مصر ومدنها، فكل الطرق الأسفلتية التي أنشئت في مصر إلى نهاية القرن العشرين أنشئت فوق الجسور الترابية التي كانت تحيط بالأحواض وتربط القرى ببعضها.
ثانيًا-شَارِعُ دَاير النَّاحِيَة:
ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ
. كانت القرى المصرية المبنية فوق الكيمان تأخذ في الغالب شكلًا دائريًّا أو شبه دائريٍّ على حسب جغرافية التل أو الكوم. وكان الشارع الرئيسي للقرية هو ذلك الشارع الذي يحيط بها من الخارج على حواف التل أو الكوم، ويسمى (شارع داير الناحية)، والناحية هي القرية، وهي مصطلح مالي في وزارة المالية يختص بالنواحي المسجلة في الوزارة كوحدة مالية مستقلة لتحصيل ضريبة المال الميري (الخراج). ويأخذ شارع داير الناحية شكل دائرةٍ أو شبه دائرة، وتكون بيوت القرية كلها من داخله، بينما يحيط به-ومن ثم بالقرية كلها-جسرٌ ترابيٌّ يحميها من الفيضانات العالية. هذا الجسر يشبه السور الحجري الحصين الذي يحمي المدينة من غارات الأعداء. وتزداد أهمية هذا الشارع وذاك الجسر كلما كان التل منخفضًا، أو كلما كان الفيضان عاليًا، ففي السنوات التي يكون الفيضان عاليًا ويظهر لأهل القرية أن مياه الفيضان ستصل إلى القرية يسارعون إلى تدعيم الجسر ورفعه بمزيد من التراب والحطب.
. كانت كل شوارع القرية وحواريها ودروبها تبدأ من شارع داير الناحية أو تنتهي إليه، وكلها شوارع غير منتظمة ومسدودة من إحدى نهايتيها. فبينما كان مسجد القرية ودوار العمدة والمضيفة وبيت شيخ البلد يرتكزون في قلب القرية، كان شارع داير الناحية هو مدخل القرية من أية ناحية. هذا الشارع بذاك الاسم لا يزال موجودًا في معظم قرى مصر، بل حتى تلك التي القرى أصبحت مدنًا مثل شارع داير الناحية بالدقي والمطرية وكفر الشيخ ومشتهر والعياط وغيرها كثير جدا. بعد بناء السد العالي منذ نصف قرن ومع زيادة العمران؛ تجرأ الناس على الخروج بمساكنهم خارج شارع داير الناحية، فقد أصبحوا في مأمن من غارات الفيضانات العالية أو حتى المنخفضة، وتحولت القرى إلى مدن، بل إن كثيرًا من المدن ابتلعت قرى في جوفها وأصبحت من أحيائها أو ضواحيها، وأصبح شارع داير الناحية في قلب المدينة. وأصبحت الأجيال الجديدة وكل من ولد بعد عام 1970 لا يعرف معنى اسم (داير الناحية) ولا مغزاه.
ثالثًا- عَ الكُوم:
ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ
. لم تكن القريةُ تشغلُ كلَّ مساحة الكوم، فهناك أجزاء منه تقع خارج شارع داير الناحية مرتفعةٌ كذلك ولا تصلها مياه الفيضان، ولكن هذا الجزء غير مُمَهَّد، ويصعب البناء فيه، فيستخدم أهلُ القرية بعضه كمقبرة، والبعض الآخر يستخدم لقضاء الحاجة ورمي النفايات، يسميه أهل القرية (الكوم) ويسميه الفقهاء (الخلاء). وبالرغم من ان القرية كلها (كوم) إلا أن الكوم عند أهل قرية الكوم هو ذلك الخلاء الذي يقضون فيه حاجتهم ويلقون عليه نفايتهم. فلم تكن بالبيوت حمامات ولا دورات مياه. ولذلك كانت عبارة (على الكوم) أو بالعامية (ع الكوم) تشير دائمًا إلى النفاية أو الخَرَاء، وإذا أرادت إحداهما إهانة الأخرى تقول لها العبارات المشهورة: (يا إبرة مصدية، ع الكوم مرمية) ونحو ذلك.
رابعًا- الكِيْمَانُ والتِّلال فِي أَسْمَاءِ القُرَى:
ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ
. كان من الطبيعي أن تحمل كثير من القرى المصرية اسم التل أو الكوم الذي أُنْشِئَتْ عليه. وهذه ليست قاعدة، ولكنها ظاهرة منتشرة إلى حدٍّ ما، فالقعدة الخاصة بتسمية القرى وعلاقتها بالتلال أنه إذا كان التلُّ أو الكوم يمثل ظاهرةً معروفةً قبل بناء القرية، وقد عرفه الناسُ وأطلقوا عليه اسمًا، مثل الكوم الأحمر أو التل الأخضر أو كوم الثعالب أو غير ذلك، ثم لاحقًا بنيت فوقه قرية أو نشأ عليه تجمعٌ سكانيٌّ؛ فإن القرية أو التجمع السكاني يأخذ اسم التل أو الكوم الذي أنشئ فوقه، فتسمى قرية الكوم الأحمر او كفر الكوم الأخضر أو نجع كوم الثعالب. أما القرى التي أنشئت فوق تلال ليس لها اسم أو لم تكن ظاهرة معروفة قبل بناء القرية؛ فإن القرية تحمل اسم منشئها أو مالكها أو القبيلة التي سكنتها أو المناسبة التي أنشئت فيها. وفي أحيان أخرى يمكن أن يغطي اسم القبيلة أو المنشئ على اسم التل، أو يتم تغيير اسم القرية إذا كان اسم التل الذي أنشئت فوقه مستهجنا أو غير لائق.
. وهكذا عند قيام وزارة المالية المصرية بإحصاء أسماء القرى والعزب والكفور في كل أنحاء مصر سنة 1899م؛ أظهر الإحصاء وجود 163 قرية تحمل اسم كوم، و37 قرية تحمل اسم تل، و13 قرية تحمل اسم جبل، و5 قرى تحمل اسم كيمان، وقريتان تحملان اسم كردود وواحدة تحمل اسم كرديدة.
. ومن أبرز القرى التي تحمل اسم الكوم: عزبة الكوم تبع قرية البرنوجي بمركز دمنهور، وعزبة الكوم تبع قرية حفص بمركز دمنهور، وعزبة الكوم تبع قرية محلة نابت بمركز شبراخيت، نجع الكوم تبع قرية أولاد عليو بمركز البلينا، نجع الكوم تبع قرية قفط بمركز قنا، عزبة كوم أبو الفدا تبع قرية الغيتة بمركز كفر الدوار، قرية كوم أبو حجر بمركز أبو تيج، قرية كوم أبو راضي بمركز الواسطى، قرية كوم أجفين بمركز قليوب، قرية كوم ادريجة بمركز الواسطى، قرية كوم اسفحت بمركز أبو تيج، قرية كوم اشقاو بمركز طما، عزبة الكوم الأبيض تبع قرية شبراطوا بمركز كفر الزيات، عزبة الكوم الأحمر تبع ناحية بسنديلة بمركز بلقاس، قرية الكوم الأحمر بمركز قليوب، قرية الكوم الأحمر بمركز بني سويف، عزبة الكوم الأحمر تبع قرية صفط جدام بمركز تلا، نزلة الكوم الأحمر تبع قرية النخيلة بمركز أبو تيج، قرية الكوم الأحمر بمركز أبوحمص، قرية الكوم الأخضر بمركز شبين الكوم، قرية كوم الأطرون بمركز طوخ، عزبة كوم البوص تبع قرية محلة كيل بمركز أبوحمص، قرية الكوم الأسود الشرقي بمركز الجيزة، نزلة الكوم الأسود الغربي (نزلة السمان) تبع قرية الكوم الأسود الشرقي بمركز الجيزة، قرية الكوم الأصفر بمركز طهطا، عزبة كوم الدببة تبع قرية بسنديلة بمركز بلقاس، قرية كوم الراهب بمركز سمالوط، قرية كوم الرمل البحري بمركز بني سويف، قرية كوم الرمل القبلي بمركز ببا، قرية كوم الضبع بمركز منوف، عزبة كوم الطرفاية تبع قرية النشو البحري بمركز كفر الدوار، عزبة الكوم الكبير تبع ناحية دسوق بمركز دسوق، قرية كوم النور بمركز ميت غمر، قرية بوها بمركز ديروط، قرية كوم بوها العبيد بمركز منفلوط.
. ومن أبرز القرى التي تحمل اسم التل: قرية التل الكبير (مدينة الآن) تابعة لمركز الزقازيق، قرية تل بني عمران بمركز ملوي، قرية تل بني تميم بمركز نوى (شبين القناطر الآن)، قرية تل حوين بمركز الزقازيق (أصل اسمها كوم حيوين، ثم تغيرت من كوم إلى تل في تاريع سنة 1224هـ) وعزبة تل عميرة التابعة لقرية بسنديلة بمركز بلقاس، قرية تل محمد بمركز كفر صقر (الإبراهيمية الآن)، قرية تل مفتاح بمركز ههيا.
وليس معنى هذا أن القرى التي لا تحمل اسم تل أو كوم قد نشأت على أرض زراعية مستوية؛ فكل القرى المصرية التي أنشئت قبل سنة 1970 قد تأسست فوق كيمان وتلال بلا استثناء.
نقلا عن الاستاذ الدكتور / عماد هلال
الاشتراك في:
الرسائل (Atom)