أجواء متوترة تجتاح البلاد في تلك الفترة من العام 1798، المصريون في مواجهة محتل جديد، أحذية الفرنسيين تطأ شواطئ الإسكندرية وحاكم المدينة محمد كريم ورجالها في الانتظار للاشتباك.
قال الفرنسيون إنهم جاءوا لمحاربة المماليك الذين يستنزفون ثروة مصر و أهلها، ووعدوا بإنشاء حكومة أهلية يكون الحكم فيها للمصريين، أي هراء هذا ومن يصدقهم، فمصر لم تكن لتستسلم لمحتل قط، وقد رأت من المحتلين كثيرًا.
الأنباء تتواتر عن سقوط الشهداء والجرحى بين صفوف المصريين، الفرنسيين أكثر استعدادًا وتقدمًا في المجال الحربي، والحملة تتقدم باتجاه العاصمة بعد أن هزمت جيش «كريم».
«حان وقت الرحيل يا ولدي»، قالها رجل لنجله وهم يجمعون مقتنياتهم القليلة من بيتهم الصغير، لم يكن الرجل يأمن غدر الفرنسيين، وكان عليه أن يختار الاختيار الأصعب، ترك أرض بلاده المحببة إلى قلبه والهجرة إلى بلاد الشام بعيدًا عن أيدي رجال نابليون. خطا الرجل خارج بيته حاملًا ما استطاع أن يجمعه على عجل، كان المشهد في قريته مشهودًا، رجال ونساء وأطفال يحملون لفافات على أكتافهم استعدادًا لمصاحبته في رحلته.. وداعًا يا مصر.
كانت خشية قوات الاحتلال الفرنسي أول أسباب هجرة المصريين في أواخر القرن الـ18 إلى بلاد الشام، كما يقول الباحث حسن سليم أبولمظي، في كتابه «عائلات أردنية وفلسطينية من أصول مصرية»، وكان اليأس والإحباط السبب الثاني.
مقاومة عنيفة قادها البطل حسن طوبار، شيخ إقليم المنزلة بمحافظة الدقهلية، ضد قوات الاحتلال الفرنسي، فكان «طوبار» صداعًا في رأس الفرنسيين، وكان ورجاله حائط الصد الذي يمنع جيش فرنسا من عبور الدلتا، واستمرت مقاومتهما رادعة لرجال نابليون، ما تطلب من فرنسا إرسال حملتين عسكريتين حتى نجحت في كسر شوكة قوات المقاومة، ليهاجر «طوبار» ورجاله إلى الشرق، وتحديدًا مدينة غزة.
مرت قرابة أربعون عامًا على هجرة هؤلاء، وحان الوقت لآخرون أن يتبعون آثارهم وطريقهم إلى خارج بلاد المحروسة، هربًا من سخرة وضرائب وتجنيد إجباري فرضه الوالي محمد على عليهم. ستة آلاف مصري من محافظة الشرقية جمعوا أشيائهم ورحلوا، رقمًا كان مخيفًا في ذلك التوقيت. لكن هؤلاء الذين هربوا من الوالي لاحقهم ابنه إبراهيم باشا في حملته على الشام بعدها بعام واحد، فيما جلب معه حوالي 140 ألف مصري لتوطينهم على الأرض الشامية، كما نقل الباحث عن كتاب «بي. مورييه» بعنوان «تاريخ محمد علي».
واستمرت هجرة المصريين إلى الشام في السنوات التي تلتها، ففي العام 1860، ترك آلاف المصريون وطنهم هربًا من نظام السخرة في حفر قناة السويس، الذي وقع ضحيته الآلاف الآخرين.
في ذات الحقبة التاريخية، كان هناك جانب آخر للهجرة، فليس كل من يهاجر هاربًا من بطش محتل أو ظلم حاكم، ففي قرية بلبيس بالشرقية كانت التجارة هي الشغل الشاغل لكثير من أهلها، فحملوا بضائعهم وتنقلوا ليبيعونعها بين مصر وفلسطين، ليستقر بعضهم في مدن الأرض المقدسة ويعرفوا لاحقًا بـ«البلابسة»، وكان انتشارهم حكاية يحكي ويتحاكى عنها الجميع، حتى وصل الأمر بالقول إن لا مدينة فلسطينية تخلو من أحد «البلابسة».
وقد انخرط المصريون في المجتمع الفلسطيني وأكثر في المجتمع الغزاوي تحديدًا بشدة حتى أن بعض المصطلحات المصرية انتشرت في المدينة الفلسطينية، وتزاوج المصريون من الفلسطينيين، فيما كان عادة ما يتم تسجيل الوثائق في محكمة غزة، وكان من المعتاد أن تشير الوثائق لكل مقيم من أصل مصري بكلمة «المصري».
ومع السنوات تحول لقب «المصري» للقب تعريفي لعدة عائلات، فيما حافظ عائلات آخرى على ألقابهم وتغيرت ألقاب آخرين مع الزمن، إما لشهرة أحد الجدود الذي تحول النسب إليه أو لاحتراف العائلة لمهنة معينة، وقد تتعرف على أسماء بعض العائلات التي لا تزال لها أفرع في مصر، قد تكون أنت أو أحد معارفك منها، كعائلات «الخلفاوي» و«الباز» و«الجرجاوي» و«الشبراوي»، وكثير غيرهم.
بعض العائلات المصرية التي هاجرت إلى مدينة غزة
التسلسل | الاسم | الأصل في مصر |
1 | أبوخضرة | بلبيس، الشرقية- حمل بعض ذريته اسم «الرفاعي» |
2 | أبوشعبان | غير معلوم- حمل بعضهم اسم «المصابني» |
3 | أبوغالي | بلبيس، الشرقية |
4 | أبورحمة | بلبيس، الشرقية |
5 | أبوعاصي | غير معلوم (الجد عمل بالنجارة) |
6 | الأسطل | من الجنود الكردية في مصر وعين آمر قلعة خان يونس واستقر في غزة |
7 | الباز | الجد الأكبر جاء من مكة المكرمة ومنهم بيت «الباز» في مصر |
8 | البلاسي | غير معلوم – من الأشراف |
9 | البلتاجي | بلتاجة |
10 | البرقوني | برقة -الصعيد |
11 | البلبيسي | بلبيس، الشرقية |
12 | البيبي | ببا |
13 | الجعفراوي | كفر جعفر |
14 | الجرجاوي | جرجا |
15 | الجيار | الإسماعيلية – الجد بائع جير |
16 | الحفني | حفنة |
17 | الحتة | غير معلوم |
18 | الخرشي | أبوخراش |
19 | الخلفاوي | ميت خلف – الجد من أصل مغربي |
20 | الدميري | دميرة |
21 | الزرقة | الزرقا |
22 | الشوبكي | شوبك |
23 | شحاتة | قليوب |
24 | الشرباصي | شرباص |
25 | صبيحة | غير معلوم |
26 | صقر | قرب العريش |
27 | العفيفي | منيت عفيف |
28 | العيسوي | بلبيس |
29 | عاشور | غير معلوم |
30 | فروخ | عرب السمعانة – تنتسب لجد لقبه «كنعان» |
31 | الفران | غير معلوم |
32 | الفيومي | الفيوم |
33 | الفولق | قنا |
34 | القيشاوي | قيش، قرب بلبيس |
35 | الكردية | بلبيس |
36 | المباشر | غير معلوم – تنتسب لجد لقبه «الجوهري» ذهب إلى غزة مع إبراهيم باشا |
37 | المصريين | غير معلوم |
38 | النويري | نويرة |
39 | النونو | غير معلوم |
40 | نافع | بلبيس (غير مؤكد) |
41 | الهليس | سلسيل – تنسب للجد «ابن الهليس» ويلقب بـ«السلسيلي» |
42 | الشربيني | شربين |
43 | القطاوي | القطاوي، مركز أبوحماد |
44 | القريني/القريناوي | القرين، مركز أبوحماد |
45 | بسيوني | بسيون |
46 | الهيصماوي/ الهيصمي | الهيصمية مركز فاقوس |
47 | العصلوجي | العصلوجي، الزقازيق |
48 | البحطيطي | بحطيط، مركز أبوحماد |
49 | البرديني | بردين، الزقازيق |
50 | الشبراوي | شبرا نجوم، المنوفية |
51 | النمروطي | نمروط، فاقوس |
52 | الشرنوبي | شرنوب، الغربية |
53 | الأنشاصي | أنشاص الرمل، الزقازيق |
54 | العايدي | العايدي، بلبيس |
55 | الطوخي | القراموس، أبوكبير |
56 | البيومي | البيوم |
57 | الحانوتي | حانوت كفر صقر |
58 | الجمالي | الجمالية، الدقهلية |
59 | خطاب | السويس |
60 | السقا | النويرة – عرفت قديمًا بـ«النويري» ولها أفرع كـ«المدني» و«الخطيب» و«ذمو» و«الترك» و«المعصراني» |
61 | الصعيدي | غير معلوم، الصعيد |
62 | الهرماس | كفر هرماس |
63 | وفاء المجنون | غير معلوم- عائلة عرفت بالعلم والتصوف في مصر |
64 | أبوسيدة | غير معلوم- فرع من عائلة الطويل |
65 | البقارة | غير معلوم |
66 | جرجير | غير معلوم |
67 | الزواملة | عرب الزميلات |
68 | السماعنة | سمعانة، الشرقية |
69 | الهجارسة | عرب الهجارسة |
70 | القرم | قرية الزريبة، بلبيس |
71 | السليسيلي | ميت سلسيل، دقهلية |