ترددت كثيرا قبل نشر هذه الوثيقة لانها بمثابة طعنة خنجر فى تاريخ مديرية جرجا
بلد العلم و العلماء
بلد العلم و العلماء
و من اهم الاسباب التى دعتنى الى عدم النشر هى وجود الاسماء و العنوان داخل الوثيقة بالتفصيل
و لكن عندما بحثت اكثر فى هذا الموضوع وجدت ان موضوع الدعارة كان مقننا فى مصر
" للاسف "
ايام الملكية و ما قبلها
" للاسف "
ايام الملكية و ما قبلها
و وجدت وثائق فى ذات الموضوع تخص اماكن اخرى
و لما كانت هذه الصفحة تتحدث عن التاريخ و ان هذه الوثيقة منشورة فى عدة مواقع الكترونية و اخبارية اخرى لم اجد غضاضة فى نشرها و لكن بعد طمس الاسم و العنوان
اذ ان نشرها و عدمه يستويان
لان غيرنا قام بنشرها
" اللهم استرنا فوق الارض و تحت الارض و يوم العرض عليك "
للمزيد ادخل على الرابط التالى
http://gergahistory.blogspot.com.eg/2015/10/blog-post_1.html
♦️قصة حقيقية ومشوقة جدا يمكن مسمعتوش عنها قبل كدة ولكنها متقلش في تفاصيلها عن عالم الجريمة الغربي ومسلسلات زي narcos و افلام sin city وشخصيات زي لورد بيليش كدة وعالم الجريمة الجميل ده، انبهروا معايا،
بص يا سيدي..
سنة ١٨٧٠م كان فيه شاب صغير اسمه ابراهيم الغربي شغال مع ابوه في اسوان تحديدا في كورسكو في مركز الدر في اسوان الجميلة في شغلانة حلوة جدا جدا معيشاهم ملوك هناك، كانوا شغالين في لامؤاخذة تجارة العبيد،
يعني ماسكين خط النيل الافريقي رايح جي يجيبوا عبيد رجالة وستات واطفال من افريقيا خطف بقا او بالتعاون مع التجار الاجانب عشان يبيعوهم في مصر واهي الدنيا ماشية يعني، لحد ما سنة ١٨٧٧م الخديوي اسماعيل بالتعاون مع بريطانيا العظمى خزوقوهم ولغوا تجارة العبيد رسميا في مصر،
حاول ابراهيم وابوه يستمروا في التجارة دي بشكل غير رسمي لحد ما الجيش انتشر عالحدود لحد السودان تحت وقفل عليهم مية ونور، والحال بقا غير الحال ومصدر دخلهم من تجارة الرق في مصر راح خلاص، قوم لما الدنيا قفلت والفلوس قصرت قرر الشاب ابراهيم الغربي ده يسيب اسوان خالص ويروح يشوف حاله في العاصمة، ووصل ابراهيم القاهرة سنة ١٨٩٦م.
ابراهيم مش متعلم، ميعرفش في حياته صنعة غير تجارة البشر، طب يعمل ايه او يشتغل فين؟ وايه اقرب صنعة لتجارة البشر يقدر يشتغلها او يفهمها بسرعة؟ ايوااا هيا دي، الدعارة حضرتك واهي كلها تجارة في اللحم البشري،
نزل ابراهيم الغربي علي القاهرة وتحديدا في بولاق، وعشان نفهم شكل الحياة في الوقت ده، فا لازم نعرف انه في السنة دي كانت مصر محتلة من انجلترا مبقالهاش كام سنة يعني، والجنود في حالة حرب ومحتاجين يفكوا عن روحهم شوية،
ولان البغاء او الدعارة مكانتش بالشكل المتعارف عليه في المجتمع وقتها وكانت حاجة تقرف يعني، فا الموضوع مكنش منظم في السنين دي مجرد كام واحدة بتقف عند المعسكرات في اكشاك بيع تموين عادي وكله بالاتفاق والرزق زي ما ييجي بقا، مكانتش لسة منظومة متعارف عليها يعني،
فا ابراهيم لما وصل بولاق ولقى ان الدنيا مش مظبطة، استخدم الleadership skills اللي بيملكها وهناك قرر انه يبدأ الكاريير الجديد بتاعه بأنه أجر بيت صغير كدة علي قد فلوسه في شارع وابور المية في بولاق، وبدأ بكلامه وعلاقاته يجمع بنات الليل ويشغلهم لحسابه في البيت ده وبدأ يعرّف الناس عالبيت،
البيت في خلال سنة بس جاب رزقه واتحول لبيت ملك، وبقا معاه فائض مالي خلاه يشتري بيت كبير من بابه في منطقة الواسعة في الازبكية حوله لبيت دعارة كبير كدة، والجديد بقا انه استغل المحل الكبير اللي كان تحت البيت وحوله لحاجة تشبه الstrip club اللي هوا قهوة فيها بنات بترقص بشكل خليع وتقلع في الرقصة، كانت اسمها رقصة النحلة ورقصة البطن الفاسدة، وده كان جديد علي مصر وقتها وابراهيم الغربي ده كان صاحب الفكرة وبراءة الاختراع،
لما البيتين كبروا وعلي حسهم اتفتحت بيوت صغيرة كتير تابعة ليهم، اضطرت مصر بالتعاون مع الاحتلال البريطاني انهم يقننوا الدعارة بشكل قانوني واضافوا تعديلات علي لايحة بيوت الدعارة بتلزمهم بالكشف الدوري في الحوض المرصود واستصدار رخص، وده اضفى طابع قانوني علي شغل ابراهيم الغربي اللي بقا كل شوية يكبر في شغله ويضيف عليه الجديد،
ابراهيم الغربي اشتغل وحول نفسه لأمبراطور الكار ده، لحد سنة ١٩١٢م قبل الحرب العالمية الاولى كانت وصلت مملكته ل١٥ بيت دعارة في الواسعة بمنطقة الازبكية بس، اكتر من ١٥٠ واحدة اشتغلوا تحت ايده في الفترة دي، غير القوادات اللي بيجوبوله البنات والحرس والخدم وخلافه، غير املاكه اللي بقت شمال ويمين ومعارفه اللي وصلت للقصر نفسه،
ابراهيم الغربي مكنش راجل هو كان مخنث ملوش جنس يعني، عامل زي لورد فاريس كدة بيقود لكن مفيش حاجة بتأثر فيه، كان متعود يقعد في الواسعة مقر حكمه ومملكته لابس لبس ستات ومالي ايده مجوهرات وبتاع، هوا كدة بقا نعمل ايه؟
سنة ١٩١٦م ايام الحرب العالمية الاولي وفي ظل التطورات السياسية وقتها اعلنت الاحكام العرفية في مصر، وعليه قرر هارفي باشا حكمدار القاهرة ونائبه توماس رسل باشا انهم يظهروا القاهرة من فتيات الليل اللي مش مترخصين، والمصيبة الاكبر مكانتش في بنات الليل انما كان في الغلمان الرجالة اللي اشتغلوا في ده بردو، وعليه اصدر الحكمدار امر بأقامة معتقل في الحلمية يلمهم فيه، وفعلا في خلال يومين اتقبض علي اكتر من ١٠٠ بنت واتحطوا هناك،
لكن اتفاجئ هارفي باشا ان ابراهيم الغربي مش وسطهم، اللي هوا اشمعنى ده؟ لا ده مينفعش دا واصل وبتاع، فا اخد الموضوع تحدي واصدر امر مباشر بالقبض عليه شخصيا، وفعلا يوميها قبضوا عليه بلبسه الحريمي وقلعوه ولبسوه لبس رجالة وحطوه في المعتقل وسط صراخ بناته والرجالة اللي حاولت تقاوم القبض عليه ومعرفتش،
قعد سنتين في المعتقل وخرج بعدها، من سنة ١٩١٨م اتحول ابراهيم الغربي لواحد من اكبر اصحاب النفوذ في مصر، وسعت تجارته وشملت تعاونات مع اوروبا نفسها في تصدير وبيع البنات، بقا امبراطور حقيقي لدرجة انه بقا يلبس تاج ملكي حقيقي من الدهب مرصّع بالمجوهرات ومش اي مجوهرات دا ماس وزمرد، وماسك صولجان من الجواهر، اه والله،
رسل باشا وصفه في مذكراته وقال انه كان اسمر وضخم وشكله مش قد كدة، شعره طويل، كان بيمتلك سلطة مذهلة، امتد نفوذه في محيط السياسة والمجتمع الراقي، كان شراء وبيع النساء للمهنة في كل من القاهرة والأقاليم في ايده هوا بس، وهوا اللي بيسعّر ومحدش يقدر يناقشه في تسعيرته،
كان مسخر ستات تجيبله بنات بأي طريقة وبأي شكل، وناشرهم في محيط مصر كلها بأقاليمها ومحافظاتها وقراها، بالخطف والغصب او بالايهام والترغيب، ووسعت تجارته واتعرف حتي في الاوساط الاوروبية وبقا سلطان الشغل الحرام، عنده امبراطورية وجيش وكلامه بيمشي علي أمراء ونبلاء كمان، خريطة مصر نفسها وشكلها اتغيرت بسببه وبقا فيه حاجة اسمها بيوت دعارة مرخصة علي حسه، حاجة مخيفة يعني،
مش كدة وبس، دا فرض قوانينه الخاصة في مملكته دي، اشترى بيت واسع في الواسعة وعمله سجن، سجن دولته يعني لعاملاته وحول الاوض لزنازين حقيقية، اللي تخالف امر تترمي في زنزانة، حتي انه كان بيحكم ساعات علي اللي بتخالف بالاعدام وكانت بتترمي في الاوض اللي تحت من غير اكل وشرب لحد ما تموت، يا ويلها اللي تزعله، الاعدام فورا،
كان عنده وكلاء في كل عاصمة من عواصم اوروبا بيستورد من خلالهم بنات اجانب يشغلهم معاه او يصدر بنات لاوروبا للبيع هناك، وفوق ده وده كان بيعمل مهرجانات سنوية للفواحش بيجيله سياح من كل حتة في العالم، مهرجان جنسي زي بتوع ايطاليا كدة يعملوا فيه اللي هما عايزينه، ومش بنات بس دا اي نوع حتي الاطفال، اي فاحشة عايز تعملها تلاقيها في مهرجانه السنوي ده، ومبقاش حد عارف يقف في وشه خلاص.
سنة ١٩٢٣م النائب العام محمد ابراهيم باشا وقتها فجر قضية للرأي العام عن خطف البنات، بسبب قضية بنت عندها ١٤ سنة اتشهرت وقتها،
البنت دي قاصر، كانت قاعدة جمب مقام السيدة زينب، وجتلها ست كدة اتكلمت معاها بكل مودة وحب عن قد ايه شكلك حلو يا بنتي وقلبي اتفتحلك وعندي ابني عايز يتجوز وعايزاه يشوفك وبتاع، واخدتها معاها علي اساس تكرمها وتضايفها وتعرفها علي ابنها، فالبنت مخدتش خوانه وراحت معاها وشربت الشاي فا داخت ونامت، مكانتش تعرف ان الشاي فيه مخدر، عشان تصحى تلاقي نفسها انها اغتصبت واتفض غشائها وانها حبيسة الست دي وبقت شغالة معاهم بالغصب في الدعارة،
البنت معرفتش تهرب، اخدوها علي بيت دعارة في زينهم وفضلت مجبورة عالحبسة دي لحد ما مقدرتش تستحمل ومرضت مرض جنسي، فا لما كانت هتموت اخدوها عالحوض المرصود هناك وهناك الست باعتها لست قوادة تانية ب١٧ جنية وبعدها اتباعت تاني،
الدكتور في المستشفى دي مقدرش يستحمل اللي هوا شايفه ده خصوصا انها قاصر، فا بلغ النيابة بالحالة اللي عليه راحوا للبنت دي عشان يفهموا القصة، فالبنت حكت كل حاجة لوكيل النيابة وارشدت علي اللي كانت شغالة معاهم، ومع التحقيق لقوا انهم قدامهم شبكة منظمة عن تجنيد البنات في كل حتة في مصر لاجبارهم في الشغل في الدعارة، ووصل الموضوع للنائب العام اللي نشر القضية في كل حتة واتعرف مين اللي ورا التنظيم ده واللي هوا ابراهيم الغربي بنفسه،
الموضوع كان كبير فعلا، لان القضية كشفت تواطؤ بعض قيادات الشرطة مع مملكة ابراهيم في الاتجار في الرقيق الابيض وفتيات الليل ووصلت التحقيقات لاثبات ٤٠٠ حالة بيع لبنات في الاسواق،
اتقبض وقتها علي عدد ٣٧ راجل وست من كبار التجار واللي كلهم اعترفوا ان وراهم الامبراطور ابراهيم الغربي نفسه، كلهم شغالين معاه، هو الوحيد من نوعه وملك التجارة دي، وكان بيبعت رجاله للقرى والنجوع يحرسوا البنت اللي هتشتغل معاه ويوصلوها للقاهرة الفجر تحت حراسة مشددة، الموضوع مكنش هزار،
الموضوع اتنشر في الاهرام بتاريخ ٢٣ اكتوبر سنة ١٩٢٣م بعنوان "الرقيق الأبيض، ٤٠٠ فتاة في أسواق الفجور"في الصفحة الرئيسية لأهمية الموضوع الشديدة اياميها، وعليه اتحركت قوات الشرطة واقتحمت مملكة ابراهيم الغربي،
لما فتشوا بيته لقوا معاه ايه؟ كميات مهولة من الدهب، عدد ١٥٦ سوار دهب وكمية من الالماظ والزمرد، ١٠ الاف جنية فلوس وده مبلغ وقدره في الزمن ده، مئات الكمبيالات علي البنات اللي شغالة معاه، والتاج الدهب اللي كانت قيمته ٣٠٠٠ جنية لوحده، وكسوة تشريفة مليانة مجوهرات قيمتها ٥٠٠ جنية، واوراق ثبوت امتلاك عدد ٥٤ بيت دعارة في باب الشعرية بس بقيمة ٥٠ الف جنية، متخيل العدد؟ غير ان مملكته كانت ممتدة من اسنا تحت لأسكندرية فوق، مسيطر عالسوق كله لحسابه، واخيرا اتقبض علي ابراهيم الغربي،
كان لابس لبس حريم وقتها فا جابوله لبس رجالة، واتقبض معاه علي ١٧ راجل من رجالته، ويوم محاكمته اتفاجئ القاضي بكم عدد المحاميين اللي جم عشان يدافعوا عن ملك الواسعة واللي قدروا انهم في النهاية يقلصوا سنين الحكم في القضية دي للاشغال الشاقة خمس سنين بس وكان الحكم سنة ١٩٢٤م.
ابراهيم مقدرش يستحمل حياة السجن وحالته سائت، ومات يوم ٢٥ اكتوبر سنة ١٩٢٦م وسط صويت وصريخ كل الممتهنين للمهنة دي، كان يوم اسود عليهم فقدان الملك والضهر اللي بيحميهم وصاحب المهنة الاول في الشرق الاوسط، وصف رسل باشا الموضوع وقال انهم اتحرموا من الملك وانه كان لازم يدوروا علي ملك تاني لانهم من غير سند بيكونوا ضايعين في كل حتة في العالم.
وانتهت اسطورة ابراهيم الغربي اللي متكررتش في التاريخ حد بنفوذه وقوته وسلطته زي ده ابدا بعد كدة، وبموته انتهت مملكة الدعارة بشكلها المنتظم لحد ما اتلغت خالص سنة ١٩٤٩م.
المصادر :
- مجتمع القاهرة السري 1900 – 1951 للدكتور عبد الوهاب بكر
- مذكرات صاحب الشرطة توماس رسل باشا باللغة الانجليزية
- البغايا في مصر – دراسة تاريخية اجتماعية من "1834 – 1949" للكاتب والباحث استاذ عماد هلال
- كتاب «ذات يوم.. حكايات ألف عام.. وأكثر» للاستاذ سعيد الشحات
♦️للمزيد تابعونى هنا⬅️فادى الجراح
اما عن اسباب و ظروف الغاء الدعارة فى مصر
" منقول من صفحة اهل مصر زمان "
الشيخ محمد متولي الشعراوي يروي حكاية النائب الذي الغي مهنة البغاء في مصر .
سيد جلال الجيلاني مبروك العدوي شخصية قلما تتكرر في التاريخ النيابي، ولد عام 1899 بقرية بني عديات مركز منفلوط بمحافظة أسيوط ، وقبل أن يبلغ سيد جلال عامه الخامس كان يعيش يتيمًا بعد وفاة والديه، ليبدأ سيد جلال رحلة جديدة في منزل خاله، الذي كان يتحلى بالمبادئ والفضيلة والقيم الحميدة .
وعندما بلغ الخامسة عشر من عمره انتقل إلى القاهرة ليقيم لدى أحد أقاربه ببولاق أبو العلا، الذي ساعده في أن يكون عاملًا في أحد المخابز ، حيث كان يوزع الخبز على دراجته للمحلات والمطاعم ، وقبل أن يتم سنواته العشرين قرر سيد جلال أن يغادر القاهرة ، ليلتحق بالعمل ساعيًا في إحدى الشركات اليونانية ببورسعيد، وبعد عدة سنوات استطاع أن يتعلم العديد من اللغات التي اكتسبها من خلال عملاء الشركة .
وقدر لهذا الفتي أن يشق طريقه بقوة.. وأن يصبح في سنوات قليلة من كبار المصدرين والمستوردين في مصر وأن يلعب دورا هائلا في الحياة السياسية وأن يكون نائبا في برلمان سنة 1945 وأن يرتبط اسمه بدائرة باب الشعرية علي مدي سنوات عديدة.. قبل الثورة وبعد الثورة.. وأن يكون شيخ النواب.. شيخ البرلمانيين، وأن يقود الحملة لإلغاء البغاء.. ويمسح عن جبين مصر هذا العار.!!
إنه سيد جلال صديق الشيخ الشعراوي الذي لم يكن يمضي يوم دون أن يراه أو يلتقي به في شقة الحسين..
يروي الشيخ الشعراوي عن صديقه سيد جلال كيف دبر المقلب لوزير الشئون الاجتماعية في شارع البغاء، والذي انتهي بصدور القرار الشهير.. قرار إلغاء بيوت الدعارة..
كما يروي كيف سمعه وهو في غيبوبة الإنعاش يرتل القرآن الكريم ويلحن فيه!
يقول الشيخ في حوار نادر مع الكاتب الصحفي سعيد أبوالعينين: "عمي سيد جلال" كان صاحب مواقف وطنية مشرفة. وقد اقترحت عليه أن يكلف أحدا بجمعها من مضابط مجلس النواب وأن يصدرها في كتاب للاستفادة منها، فهي حافلة بالدروس التي لا تعرفها الأجيال الجديدة..
سيد جلال هو الذي ألغي البغاء الرسمي.. الذي كان مصرحا به من الحكومة!
هو الذي مسح هذه الوصمة التي كانت تسيء إلي مصر.. مصر الأزهر الشريف.. مصر التي حققت علم الإسلام وصدرته إلي العالم كله.. مصر التي يخفق باسمها قلب العالم الإسلامي.. مصر التي شرفها الله بذكرها في القرآن الكريم..
مسح سيد جلال هذه الوصمة عن مصر.. استمر يقود الحملة لإلغاء البغاء عن مصر.. طوال ست سنوات، دون كلل، وكان تصميمه يزداد ، وعزيمته تقوي يوما بعد يوم ، حتي استطاع أن يسقط هذا العار ويمحو هذه الوصمة في سنة 1947.
ويروي الشيخ الشعراوي حكاية المقلب الذي دبره سيد جلال لوزير الشئون الاجتماعية في ذلك الوقت وهو "جلال فهيم باشا" والذي أدي إلي إصدار القرار بإلغاء، بيوت الدعارة..
يقول الشيخ: كان عم سيد جلال نائبا في البرلمان في ذلك الوقت، كان عضوا في مجلس النواب سنة 1945 عن دائرة باب الشعرية وهي الدائرة التي ارتبطت باسم سيد جلال علي مدي سنوات طويلة، قبل الثورة.. وبعد الثورة كان دائما هو نائب دائرة باب الشعرية..
وكانت هذه الدائرة تضم أشهر شارع للبغاء العلني في مصر في ذلك الوقت وهو "شارع كلوت بك"..
وكانت هذه الحكاية تسبب له ضيقا شديدا..
فالدائرة دائرته، وهو كان يعيش فيها، وكان يتمزق ألما وحزنا، كما يقول، وهو يري منظر العاهرات وهن يقفن علي النواصي ورؤوس الطرقات، ويدعين الناس دعوات مفتوحة مفضوحة، ويتبادلن الشتائم والكلام المكشوف فيما بينهن، ويتسابقن لإغراء كل من يمر بالشارع، وجره إلي البيوت..
وقد انتهي به التفكير إلي تدبير "مقلب" لوزير الشئون الاجتماعية في ذلك الوقت لإحراجه ودفعه دفعا إلي العمل لإلغاء هذه الوصمة باعتباره الوزير المسئول الذي باستطاعته، لو أراد، أن يصدر قرارا بذلك..
وضع سيد جلال خطة محكمة للمقلب الذي دبره للوزير..
ذهب إلي الوزير "الباشا جلال فهيم".. وقال له: إنه يعتزم إقامة مشروع خيري كبير، وأن هذا المشروع يضم مدرسة سوف يشرع في بنائها فورا، وأن موقع المدرسة قد جري تجهيزه وإعداده للبناء.. وأنه يسعده أن يأتي معالي الوزير لرؤية الموقع الذي هو ضمن المشروع الخيري الكبير، وأن أهالي الدائرة سوف يسعدهم تشريف معالي الوزير، ويشجعهم علي المساهمة في إقامة مثل هذه المشروعات الخيرية..
ووافق الوزير..
وفي اليوم المحدد.. جاء معالي الوزير وهو يركب الحنطور الذي أعده له سيد جلال لكي يشاهده أهالي الدائرة ويخرجون لتحيته..
وكان الاتفاق مع سائق الحنطور أن يدخل بمعالي الوزير إلي شارع البغاء الرسمي "شارع كلوت بك" وأن يسير به علي مهل!
وفي شارع البغاء.. وبمجرد دخول الحنطور.. تصورت العاهرات أنه "زبون" كبير! فتدافعن عليه وتسابقن إليه، وأخذت كل واحدة تشده لتفوز به، دون أن تعرف شخصيته!
وتحول السباق علي "معالي الوزير" إلي خناقة كبيرة بين العاهرات!
ولم يعرف "معالي الوزير" كيف يخلص نفسه من هذه الورطة!
وأدرك أن سيد جلال هو الذي دبر له هذا المقلب.. خاصة أن أحدا لم يتقدم لإنقاذه وتخليصه من أيدي العاهرات!
وجاهد "معالي الوزير" وهو يصرخ ويسب، حتي استطاع أن يخلص نفسه بصعوبة بعد أن سقط طربوشه، وتمزقت ملابسه، وامتدت الأيدي إلي جيوبه..
وكانت فضيحة..
وعاد الوزير إلي بيته وهو في حالة سيئة..
واستمر يشتم ويسب ويلعن سيد جلال، وأبو سيد جلال، واليوم الذي رأي فيه سيد جلال!
لكنه قبل أن تمضي أيام كان قد أصدر القرار بإلغاء البغاء!
وفوجئ بسيد جلال يدخل عليه وهو يضحك ويشكره علي شجاعته بإصدار القرار الذي مسح عار البغاء العلني والرسمي عن مصر! وقال له:
- لقد فعلت شيئا عظيما، وسوف يذكره الناس لك!
وهدأ الوزير، وقال لسيد جلال: وسيقول الناس أيضا: إنك أنت الذي دبرت "المقلب" الذي جعل الوزير يصدر هذا القرار!
ويتواصل حديث الشيخ عن سيد جلال.. وعن محاولة أحد النواب لإعادة البغاء مرة ثانية.. وكيف تصدي له سيد جلال في جلسة عاصفة في البرلمان!
يقول الشيخ: وحدث أن جاء واحد من النواب، من الإسكندرية، وتقدم باقتراح للمجلس لإعادة البغاء الرسمي!
وقال النائب صاحب الاقتراح: إن إعادة البغاء ستجعله محصورا في دائرة محددة، وأن البغايا سيتم الكشف عليهن صحيا علي فترات متقاربة، وهو ما يحمي من الأمراض السرية وانتشارها، وأن الشباب سيجد في بيوت البغاء الرسمي ما يبعده عن التعرض للنساء في الشوارع!
وصادف هذا الاقتراح هوي بعض النواب..
ووقف سيد جلال وقال: إن الذين يعتقدون أن إلغاء البغاء يؤدي إلي انتشار الأمراض السرية أكثر، هم علي خطأ.. وعندي الإحصائيات التي أعلنتها المؤتمرات الطبية العالمية والتي تثبت أن الأمراض السرية تنتشر أكثر في الدول التي تعرف نظام البغاء، وتقل في التي حرمته!
وقال سيد جلال: الذين يقولون إن الشباب بكل غرائزه الجنسية لا يعرف أين يذهب وماذا يفعل؟ هؤلاء يتصورون أن الشباب عجل يجري تسمينه وتكبيره علشان ينط! وأن علينا أن نهييء له بيتا للدعارة! ونساعده علي الفساد.. وينسي هؤلاء أن مشكلة الشباب أكبر وأعمق.. الشباب يعاني من الفراغ ومهمتنا أن نهييء له مجالات العمل، ليعمل ويتزوج ويقيم أسرة.. فالعمل سيعود عليه بالنفع، وعلي الدولة بالفائدة.. وقال سيد جلال: إن مصر نسيت مسألة البغاء، ولم تعد هذه المسألة في أفكار أحد، وإذا كان النائب صاحب الاقتراح بإعادة البغاء مصرا علي اقتراحه، فعليه أن يتبرع لنا بخمس سيدات من أسرته ليكن نواة لإحياء المشروع من جديد!
وضجت القاعة..
ولم يرد صاحب الاقتراح.. وخرج من المجلس، ولم يعد إليه!